الثلاثاء 5/12/2017
دعمت أغلبية الصحافيين الذين أجريت دراسة ميدانية لآرائهم، تشكيل مجلس شكاوى في إطار المجلس الأعلى للإعلام كخيار أول، تلاه في إطار نقابة الصحافيين كخيار ثانٍ، كشكل فاعل للتنظيم الذاتي لمهنة الصحافة في فلسطين.
وأظهرت نتائج الدراسة ضعفاً واضحاً في أدوات التنظيم الذاتي من مواثيق شرف وأخلاقيات ومدونات سلوك ومجالس تنظيم، وفي عدم وجودها كأولويات في ممارسة الصحافة لدى الجسم الصحافي أو في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية.
جاء ذلك في دراسة ميدانية ضمن بحث بعنوان "التنظيم الذاتي في وسائل الإعلام الفلسطينية و(صحافة المواطن)" ينفذها حاليّاً مركز تطوير الإعلام- جامعة بيرزيت، وستنشر كافة النتائج مع نهاية هذا العام. ويعد الدراسة الباحث د. حسن دوحان، بإشراف عميد كلية الإعلام في جامعة الاقصى د. ماجد تربان، ومنسق وحدة الدراسات والأبحاث في مركز تطوير الإعلام صالح مشارقة، وبتمويل من وكالة التنمية الدولية السويدية (سيدا).
واستهدفت الدراسة أكثر من 70 مؤسسة إعلامية فلسطينية، بينما بلغت عينة الدراسة 201 صحفي من تلك المؤسسات موزعين كالتالي: 45.8% من العينة يعملون لدى الصحافة القائمة (مرئي ومسموع ومطبوع)، و32.8% يعملون لدى الإعلام الجديد، بينما يعمل 7% لدى صحافة المواطن، و 14.4% غير مصنف.
وانحاز الصحافيون في المؤسسات الإعلامية لتشكيل مجلس شكاوى في إطار المجلس الأعلى للإعلام كشكل فاعل للتنظيم الذاتي في فلسطين في المرتبة الأولى، تلاه وضع نظام داخلي للجنة الأخلاقيات في النقابة لتنظيم عملها، ثم وضع مذكرات توجيهية من قبل المؤسسة الإعلامية، وتقوية عمل لجنة الأخلاقيات في النقابة، وتفعيل مدونة السلوك المنشورة على موقع النقابة، وتبني المؤسسات الإعلامية مواثيق شرف ومدونات سلوكية خاصة كأشكال مهمة للنهوض بواقع الاعلام الفلسطيني.
ويظهر اتفاق الصحافيين على ضرورة وجود مجلس أعلى للشكاوى في ثلاثة محاور بالدراسة، هي في تفضيلهم لشكل أدوات التنظيم الذاتي، أو في إطار إجاباتهم على الأسباب التي تجعل الصحافيين لا يلتزمون بأخلاقيات الممارسة المهنية، أو من خلال إجاباتهم على الإجراءات التي تجعل الصحافيين أكثر التزاماً بأخلاقيات المهنة.
وبينت الدراسة أن إحساس الصحافيين بالمسؤولية الاجتماعية جاء في مقدمة الإجراءات التي تجعل الصحافيين أكثر التزاماً بأخلاقيات المهنة، تلاه اعتماد مدونات سلوك في كل مؤسسة صحافية، ثم وجود مجلس للشكاوى في إطار المجلس الأعلى للإعلام، وتحديث ميثاق الشرف الصحافي، ووجود لجنة لأخلاقيات المهنة داخل المؤسسة، وإلزام الصحافيين والمؤسسات بمدونة سلوك النقابة.
وأظهرت الدراسة أن المؤسسات الإعلامية الفلسطينية تعتمد بشكل كبير وبنسبة 86.2% على التوجيهات غير المكتوبة ضمن السياسات التحريرية كأحد أشكال أدوات التنظيم الذاتي التي يتم اتباعها لتحديد وضبط معايير أخلاقيات مهنة الصحافة، وهو ما يعتبر من أضعف أشكال أدوات التنظيم الذاتي لعدم القدرة على اعتمادها كوثيقة.
وكشفت الدراسة أن تعليمات متفرقة مكتوبة في وسائل الإعلام جاءت في المرتبة الثانية وبنسبة 68.2%، وهي شكل من أشكال أدوات التنظيم الذاتي التي يتم اتباعها لتحديد وضبط معايير أخلاقيات مهنة الصحافة غير المكتملة والمتغيرة، وبالتالي تعد أداة تنظيم ذاتي ضعيفة، واحتلت المرتبة الثالثة وبنسبة 51.3% مذكرة توجيهية، ورغم الحديث عنها ووضعها في هذه المرتبة، إلا أن الباحث لم يعثر على أي مذكرة توجيهية في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية تشير إلى تنظيم ذاتي، وجاءت مدونة السلوك في المرتبة الرابعة بنسبة 42.3%، واحتل ميثاق الشرف المرتبة الخامسة بنسبة 37.2%، وفي المرتبة الأخيرة جاءت لجنة أخلاقيات بنسبة 23.4%، وهذه الأداة موجودة في نقابة الصحافيين ومعتمدة لدى وسائل الإعلام الرسمية وبعض المؤسسات الإعلامية.
وكشفت الدراسة اعتبار الصحافيين نقابة الصحفيين بيتهم ومؤسستهم رغم ضعف اطلاعهم على أدوات التنظيم الذاتي الخاصة بالنقابة، وذلك من خلال وضعهم نقابة الصحافيين في المرتبة الثانية من بين الجهات التي يتم الاحتكام لها في حالة وجود شكاوى، ما يعكس أهمية نقابة الصحافيين باعتبارها بيت الصحافيين وقوتهم.
وبينت نتائج الدراسة أن السياسة التحريرية للمؤسسات الإعلامية تطغى على التنظيم الذاتي وجاءت في مقدمة العوامل التي تجعل الصحافيين لا يلتزمون بأخلاقيات الممارسة المهنية، ثم غياب المسؤولية الاجتماعية لدى الصحافيين وغياب التدريب، رغم عدم إثبات وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين السياسة التحريرية ومدى التزام الصحافيين بالمعايير والضوابط التي تتضمنها أدوات التنظيم الذاتي في المؤسسات الإعلامية الفلسطينية لمهنة الصحافة، بينما تم إثباتها فيما يتعلق بالتدريب.
وقدمت الدراسة نماذج من الإعلام الغربي التي تعتمد أدوات التنظيم الذاتي كمرجعية لعمل الصحافيين، وهي وكالة الأنباء البريطانية "رويترز"، ووكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، ووكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، وصحيفة نيويورك تايمز، وصحيفة واشنطن بوست، وصحيفة شيكاغو تريبيون، في إطار الجانب النظري.