بيرزيت (4/11/2025)
أصدر مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت بتمويل من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، دراسة بعنوان "كيف ندخل الذكاء الاصطناعي في تدريس الصحافة والإعلام؟" أعدها الباحثان صالح مشارقة منسق الأبحاث والسياسات في المركز، ومحمد جبران أستاذ الهندسة الكهربائية في الجامعة.
وقال مدير مركز تطوير الإعلام أسامة الميمي إن الذكاء الاصطناعي أصبح مكوناً أساسياً في استراتيجية عمل المركز للأعوام المقبلة، وإن المركز يعكف حالياً على إدخاله في البرامج التدريبية والتدخلات الأكاديمية والبحثية المقبلة.
وأكد الميمي أن تدريس الذكاء الاصطناعي والتدريب على استخداماته أصبح ضرورة لكل خريجي الإعلام والصحفيين الممارسين من كافة الأعمار، حيث إن سوق العمل والمشغلين يرون أن كل صحفي يجب أن يكون ملماً بمفاهيمه ومهاراته، وأثره على العلوم الإنسانية، وأخلاقياته، مشدداً على أهمية الاستعداد التربوي في كل الجامعات والكليات للتعامل مع هذا التحول الرقمي الكبير.
وقالت هلا طنوس، مسؤولة برنامج الاتصال والمعلومات في مكتب اليونسكو في رام الله: "تمثل هذه الدراسة خطوة عملية هامة تُترجم فيها التزامات اليونسكو العالمية بخصوص الذكاء الاصطناعي إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع. دعمنا لهذا العمل هو جزء من استراتيجيتنا الأوسع لبناء أنظمة إعلامية مرنة وأخلاقية في العصر الرقمي."
وأضافت طنوس: "إدخال الذكاء الاصطناعي في تعليم الصحافة والإعلام لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة لضمان جاهزية الجيل القادم من الإعلاميين في فلسطين والمنطقة. هذا البحث لا يقدم أدوات عملية فحسب، بل يؤسس لإطار أخلاقي ومفاهيمي نقدي، مما يضمن تبني هذه التقنيات بمسؤولية تحمي الحقوق الأساسية وتعزز مهنية الإعلام."
وتكونت الدراسة من خمسة فصول، تضمّن الأول تاريخ ظهور وتطور الذكاء الاصطناعي في العقود الأخيرة، والشركات التي استثمرت فيه وأصبحت مالكة لأهم تطبيقاته واستخداماته، وأنواعه وأجياله التي يتم تطويرها، وإيجابيات وسلبيات استخداماته، وأثره على الخصوصية وحرية الرأي والتعبير، وعلى التضليل والأخبار المضللة، وعلى قرارات غرف الأخبار في المؤسسات الإعلامية.
فيما تناول الفصل الثاني من الدراسة تجارب أكاديمية عالمية في تدريسه، مثل جامعة كولومبيا، وجامعة نورث ويسترن، وجامعة بورنموث، وجامعة نورث ويسترن في قطر، إضافة إلى طرق الاستخدام، والتطبيقات الأقرب للعمل الصحفي وتجارب المحاضرين في تدريسه>
وتناول الفصل الثالث أخلاقيات وسياسات استخدام الذكاء الاصطناعي في العالم، ابتداءً من توصية اليونسكو الخاصة بالذكاء الاصطناعي التي كانت مرجعاً للعديد من دول العالم في وضع سياسات وطنية حول استخداماته، إضافة إلى سياسات وطنية تم إقرارها في أربع دول عربية هي السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وفلسطين. كما ضم الفصل مراجعة أخلاقيات وضعها باحثون ومنظمات صحفية دولية للوصول إلى أفضل الممارسات الصحفية في هذا المجال.
كما ضم هذا الفصل توصيات اقترحها أساتذة إعلام من الجامعات الفلسطينية شاركوا في ثلاثة لقاءات تشاوروا فيها حول أفضل أساليب إدخال وتعليم الذكاء الاصطناعي في مساقات الإعلام في جامعاتهم، بما يتضمن إدخال استخدامات جديدة للذكاء الاصطناعي في مساقات الصحافة المكتوبة والمتلفزة والإذاعية والإعلام الرقمي ومساقات التصوير والمونتاج والتسويق الرقمي والحملات الإعلامية.
وضم الفصلان الرابع والخامس نتائج دراسة مسحية لرأي قرابة 44 أستاذ إعلام في الجامعات والكليات الفلسطينية، وتمحورت الأسئلة حول أثر الذكاء الاصطناعي على تدريس الصحافة والإعلام، والتدخلات المطلوبة لإدخال الذكاء الاصطناعي في تدريس الصحافة، والعقبات والتحديات التي ستواجه إدخال الذكاء الاصطناعي في تدريس الإعلام، وتطبيقات عامة للذكاء الاصطناعي في الاستخدامات الصحفية التي يحتاجها الطلاب.
وأوصت الدراسة بإضافة أسابيع دراسية في كافة المساقات كي يتم الحديث فيها عن مفاهيم وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يمكن الاستعانة بها في الإنتاج الصحفي وفي القضايا الإعلامية، مثل مساقات إنتاج الفيديو، وصحافة الموبايل، والمونتاج، وصحافة الوسائط، وصحافة الحلول، وباقي المساقات العملية. والتركيز على التحقق من المعلومات التي ينتجها الذكاء الاصطناعي، وعدم إغفال الجانب المفاهيمي والأخلاقيات المطلوبة لإدخال الذكاء الاصطناعي في تدريس الصحافة، بل أشارت الدراسة إلى أنه من المهم إدخال مفاهيم تحليلية ونقدية حول الذكاء الاصطناعي، مثل إيجابياته وسلبياته، وأثره على المهن الصحفية، وعلى وظائف الصحفيين، وعلى صناعة الإعلام في العالم، وعلى الحقوق الرقمية للمستخدمين، وطبيعته الربحية من شركات احتكارية، وعدالة توزيعه على مستخدمين من كافة الطبقات الاجتماعية، وقضايا أخرى كثيرة تخص هذا التحول الرقمي الجديد.
يُذكر أن البحث جاء في ختام مشروع نفذه مركز تطوير الإعلام بتمويل من اليونسكو، تضمن خلال العام الجاري ورشة متخصصة لأساتذة الإعلام في أساليب تدريس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وورشتين تدريبيتين لأساتذة الإعلام من الجامعات والكليات المختلفة حول استخدام عدد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي القريبة من الاستخدامات الصحفية، وورشتين لعدد من الصحفيين حول ذات التطبيقات والاستخدامات.
رابط الدراسة: http://mdc.birzeit.edu/page-1418-ar.html