يحيى اليعقوبي
وجد حازم الشرفا، وهو أحد تجار الملابس المعروفين في قطاع غزة، نفسه بين متهمين على قضايا مخدرات في غرفة نظارةٍ تابعة لمركز شرطة بمدينة غزة لمدة أربعةِ أيام، لم يتوقع في يومٍ من الأيام أن يجلس بين هؤلاء ساعة واحدة بعد تعرضه لخسائر مالية في التجارة، وصدر بحقه أمر توقيف.
يرسم حازم صورة عن شكل الحياة في النظارة وفي صوته غصة لم تمحها الأيام: "وجدت نفسي بين تجار مخدرات، طبعاً الإنسان لا تهون عليه نفسه أن يوضع بموقف كهذا لمدة أربعة أيام، لم أتوقع في يوم أن أجلس بينهم، كما أن الظروف المعيشية فيها سيئة، الحشرات والصراصير كثيرة، التهوية ودورات المياه سيئة".
يتسارع صوته وهو يدخلك إلى قلب النظارة "الفرشات فيها متلاصقة وسيئة لا يوجد فيها شيء جيد، خاصة أنك توضع بين متهمين على قضايا مخدرات، عندما جرى توقيفي لأربعة أيام كان معي قرابة خمسة عشر موقوفاً بنفس الغرفة، حتى إن هؤلاء المتهمين تفاجأوا بوجودي بينهم".
جرى توقيف حازم الشرفا قرابة أربع مرات في نظارتي الشجاعية ونظارة "العباس" بغرب غزة، يقول إن عملية توقيفه وإحضاره من المنزل كانت أيضاً صعبة عليه أمام الجيران.
يستعد خالد (اسم مستعار) الذي طلب عدم الكشف عن هويته لتسليم نفسه بعد يومين للشرطة لإمضاء الفترة المتبقية من محكوميته في نظارة غرب خان يونس، بعد أن أمضى خمسة وخمسين يوماً من الحكم في الفترة ما بين 5 مارس/ آذار- 28 أبريل/ نيسان 2022 فيها، وتبقى في حكمه 35 يوماً سيقضيها بنفس النظارة.
وإن كان هنا، في نظارة غرب خان يونس، وضع التكدس أقل، فإن شكل الحياة فيها لا يختلف يقول "هي مبنى مسقوف جزء منها من ألواح الزينكو، وجزء من الباطون، وتكون درجة الحرارة فيها في الصيف عالية، ولا أبالغ إن قلت إنها لا تصلح للبشر".
أوقف خالد على ذمة مالية لعدم مقدرته على دفع النفقة لطليقته، منعه عدم صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية من وزارة التنمية الاجتماعية من الإيفاء بذلك الالتزام، كذلك لم يجد فرصة للعمل فتعرض للسجن، يفيد بأنه كان الموقوف الوحيد على ذمة مالية، وضمت النظارات تهما مختلفة مثل سرقات، ومخدرات، ومشاكل أثناء فترة محكوميته.
سالم (اسم مستعار) طلب عدم الكشف عن هويته، يبلغ من العمر 17 عاماً بالصف الحادي عشر ثانوي، اعتقل من قبل الشرطة في رفح، بسبب بيعه للألعاب النارية خلال شهر رمضان الماضي، وجرى حجزه لعدة أيام في الغرفة رقم "24" بنظارة محافظة رفح.
جلس الفتى -الذي كان يهدف من خلال بسطة الألعاب لإدخار مبلغ لشراء ملابس العيد وهاتف محمول- في زاوية الغرفة يلمح أمامه وجوهاً من الموقوفين لم يرها من قبل، لدرجة أنه شعر بالخوف منهم، أخذ نفساً عميقاً وهو يستعيد صورة الغرفة لمعد التحقيق قائلاً: "في هذه الغرفة يتم توقيف أي شخص على ذمة النيابة سواء على سرقة، أو بيع حبوب مخدرة، أو ذمم مالية أو أي تهمة أخرى، لذلك شعرت بالخوف منهم، كما أن الغرفة لا تصلح لشيء، وحتى هناك رائحة عفن تنبعث من فرشاتها".
نظرة عن قرب: أهل القانون يخالفون أحكامه
تشير المادة "29" من قانون الإجراءات الجزائية رقم "3" لسنة 2001 إلى عدم جواز القبض على أحد أو حبسه إلا بأمر من الجهة المختصة بذلك قانوناً، كما أوجبت معاملة المقبوض عليهم بما يحفظ كرامتهم، ولا يجوز إيذاؤهم بدنياً أو معنوياً.
نفتح في هذا التحقيق ملف مراكز التوقيف التابعة للشرطة أو ما تعرف بـ "النظارات" في قطاع غزة وجزء من الضفة الغربية، ونكشف تجاوز التوقيف فيها لمدد تزيد كثيرا على الـ 24 ساعةً حسب القانون، وعدم ملاءمة بيئة التوقيف فيها وتحولها لمراكز توقيف دائمة إذ يمضي المحكومون مدد محكوميتهم فيها، ولا يتم الفصل في بعضها بين أصناف المتهمين ويتم احتجاز الأحداث في بعضها رغم تداعيات ذلك الخطيرة على السلوكيات اللاحقة لهم، فضلاً عن الظروف المعيشية السيئة في العديد منها.
اطلعنا على تقرير الربع الأول لعام 2022 لمركز "حماية لحقوق الإنسان" عن أوضاع النزلاء ببعض أماكن التوقيف ومراكز الإصلاح والتأهيل "السجون" بمدينتي غزة والوسطى، وكذلك تقييم أوضاع الأحداث في مؤسسة "الربيع"، وورد في أهم نتائج التقرير وجود غلاء واضح في أسعار الكنتينة في مركز إصلاح وتأهيل "الكتيبة"، والمطالبة بتغيير أصناف وجبة الفطور من جبنة إلى بيض بسبب أن معلبات الجبنة تسبب الحساسية الشديدة للنزلاء، ووجود عجز واضح في الأغطية والحرامات داخل النظارة، والبرد القارس نتيجة بقاء النوافذ مفتوحة، وعجز واضح في الرعاية الصحية للموقوفين.
ووصف التقرير بيئة النظارات في مراكز "دير البلح، والنصيرات والمعسكرات" بمحافظة الوسطى، فوصف نظارة دير البلح بأنها عبارة عن طابق أرضي في مبنى خاص بالنظارة تتكون من أربع غرف بمتوسط مساحة 4*6 بالإضافة لغرف خاصة بالإدارة، ويبلغ عدد الموقوفين حسب الكشوفات 62 موقوفاً، منهم 37 موجودون داخل النظارة، من بينهم طفل موقوف منذ أسبوع، ويتم فيها الفصل بين الموقوفين حسب التهم.
وأشاد الموقوفون حسب التقرير بحسن تعامل أفراد الشرطة معهم، ولوحظت نظافة دورات المياه فيها وتزويدها بالصابون والمعقمات، لكن التقرير أفاد بأنه لا يتم فحص الموقوفين طبيا قبل دخول النظارة، ولا توجد عيادة صحية بالمركز، ولا حتى طبيب مناوب، أو إسعافات أولية.
ورصد المركز في زيارته يوم الجمعة أن وجبة الغداء تمثلت في ثلاث ساندويشات مارتديلا لكل موقوف وهذا الأمر انطبق على نظارة النصيرات ونظارة مركز توقيف "المعسكرات"، لكن الموقوفين اشتكوا من عدم كفاية الطعام، وارتفاع ملحوظ في أسعار السجائر في الكنتينة، حيث إن الفارق عن الخارج يكون بمعدل 3-4 شواقل في العلبة الواحدة، وأشاروا إلى أن أسعار باقي الأصناف في الكنتينة مناسبة.
وأفاد الموقوفون، أن يوم الجمعة لا يحضر لهم فطور، وأن الإدارة أخبرتهم في هذه النظارة أن يوم الجمعة تأتي وجبة غداء وعشاء فقط، واشتكى الموقوفون من عدم كفاية الطعام، ومن جودته سواء الأرز أو الخبز، أو استمرار تقديم المعلبات والجبنة لهم.
ووصف التقرير نظارة توقيف "النصيرات" بأنها عبارة عن طابق أرضي في مبنى مستقل عن أقسام مركز الشرطة، وتتكون من أربع غرف، ويبلغ عدد الأشخاص فيها 60 منهم 38 موجودون فعليا، جميعهم موقوفون ما عدا اثنين محكومين ولا يوجد أحداث، وأفاد أنه يتم الفصل بين الموقوفين حسب نوع الجريمة.
وعرض التقرير تقييماً لوضع الأحداث بمؤسسة "الربيع" وهي تقع بمحافظة غزة، وتحتوي على طابقين أول للإدارة وثانٍ لغرف الأحداث تضم أربع غرف بمساحة 6*4 لكل غرفة، ويبلغ مجموع الأحداث 80 حدثاً حسب الكشوفات، وتبين أنه لا يوجد فصل بين الأحداث حسب التهمة، كما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسة 48 حدثاً لا غير.
الهيئة المستقلة: تحويل الموقوف للعلاج يخضع لتقدير أفراد الأمن
في قطاع غزة يوجد ما يقارب 22 نظارة، تصنف حسب القانون كأماكن احتجاز مؤقتة، الأصل ألا يتجاوز مدة التحفظ فيها 24 ساعة، لكن ما يحدث هو أن الكثير منها أصبح أماكن احتجاز دائمة، بل يمتد الأمر لتمضية عقوبة للمدانين وتوقيف للمتهمين لمدد تزيد على 24 ساعة وبعضهم يمضي محكومية كاملة فيها، وهي من أبرز المخالفات القانونية التي يمكن الحديث عنها داخل النظارات لأنها وجدت لأهداف مؤقتة، والأصل أن يتم تحويل الموقوف لأماكن الاحتجاز القانونية وهي مراكز الإصلاح والتأهيل، حسب منسق التحقيقات والشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المحامي بكر التركماني.
ويوضح التركماني لمعد التحقيق أن هناك العديد من المشكلات بالنظارات، أولاها أنه لا يوجد طبيب مقيم أو حتى ممرض، بالتالي أي نزيل أو موقوف يعاني ظرفا صحيا يتم نقله من خلال الشرطة إلى المستشفيات الحكومية، بالتالي تخضع عملية النقل للمشفى لتقديرات الضباط أو أفراد أمن النظارة وهم ليسوا أطباءً وقد يسوء التقدير في بعض الأحيان وتنتج عنه مضاعفات سلبية.
ويشير التركماني إلى أن هناك نزلاء يعانون من أمراض مزمنة (سكر، ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب) فتتطلب ظروف احتجاز مناسبة، وتكون الشرطة مسؤولة عن ظروف احتجازه وتقديم الخدمات الصحية له، ويجب أن تكون طريقة التعامل معهم مختلفة وكذلك نوع الطعام، ولا يجوز أن يأكل نفس الوجبات المركزية التي تقدم، فقد تؤثر على وضعه الصحي.
من حيث المبدأ، وفق التركماني، النظارات غير مهيأة أن تكون مراكز احتجاز دائمة، بحيث لا يتم الفصل بين النزلاء حسب التهم ووضعهم الصحي، فالفصل بمعناه الحقيقي القانوني غير ممكن من الناحية العملية، ويحدث فصل في حدوده الدنيا، لذلك "نقول، إنها يجب أن تكون مراكز توقيف مؤقتة وليست أماكن احتجاز دائمة".
يؤكد المحامي تركماني أن هناك نزلاء يمضون محكوميتهم في النظارة، أي أنها أصبحت مراكز احتجاز دائمة، وليست نظارة مؤقتة، مشدداً على أنه يجب أن يكون هناك تحديد واضح من لجنة العمل الحكومي لوضع أماكن الاحتجاز بشكل عام والنظارات بشكل خاص، بحيث يطبق النص القانوني عليها كمكان احتجاز مؤقت، وزيادة أعداد الطواقم والخدمات الصحية والدوائية والغذائية المقدمة لهم.
ويشير منسق التحقيقات والشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إلى أن جزءاً كبيراً من النزلاء الذين يعانون من أمراض، تحضر عائلاتهم الدواء لهم رغم أنها مسؤولية الجهة المحتجزة.
المحامي بكر التركماني: يجب إغلاق بعض النظارات والتوقف عن احتجاز الاحداث فيها
ورغم ما يصفه التركماني بـ "التطور الإيجابي" فيما يتعلق بانخفاض عدد الشكاوى التي تصل إلى الهيئة المستقلة حول احتجاز الأطفال واقتصار الشكاوى على نظارات بعينها، إلا أنه يؤكد في الوقت ذاته، وقوع حالات احتجاز للأحداث ليوم ويومين، مؤكدا أن احتجاز الأحداث حتى ساعات أو دقائق بالنسبة للهيئة فترة كبيرة لأن أماكن احتجازهم هي "مؤسسة الربيع لرعاية الأحداث"، كونهم يحتاجون رعاية خاصة بأكلهم وشربهم وفي التحقيق معهم.
فلا يجوز حسب القانون، كما يؤكد التركماني، احتجازهم بالنظارات، وأي تحقيق معهم يجب أن يتم بحضور مراقب السلوك لدى الشرطة والنيابة، محذراً من خطورة احتجازهم وتعريضهم لانتهاك مباشر من المحتجزين، أو مشكلات لها علاقة بسلوكهم اللاحق.
ويضيف: "نشدد بتوصياتنا لجهاز الشرطة بالتأكيد على عدم احتجاز أي طفل ولو لدقائق، مشيراً، إلى أنه لا يوجد اعتقال للنساء في النظارات، ويتم إيداعهن لدى مركز تأهيل وإصلاح النساء في قطاع غزة.
وتعقيباً على الأوضاع المعيشية للنظارات ووضعها الإنشائي، يشدد التركماني على أن بعض النظارات يجب إغلاقها لسوء أوضاعها المعيشية، ففي بعضها لا يوجد تهوية، ولا يوجد متابعة صحية، أو رقابة من جهات صحية إلا نادراً، وأنه جرى نقل هذه الملاحظات باجتماعات الهيئة مع قيادة الشرطة وقوى الأمن الداخلي.
ويقول محامي الهيئة المستقلة: "المشكلة ليست متعلقة بالإجراءات التنفيذية، بل بالسياسات التي من خلالها يتم تطبيق القانون على النظارات، فهذه السياسات تمنع تشغيل مراكز احتجاز دائمة كمركز إصلاح وتأهيل "أصداء" بمحافظة خان يونس، الذي تصل طاقته الاستيعابية لنحو 1600 شخص، لكنه يعمل بطاقة استيعاب منخفضة تصل إلى 600 شخص، بسبب غياب الموازنات التشغيلية من طواقم وأدوية وطعام حسب القواعد الدولية".
ويشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف الانتهاكات المرتبطة بالظروف المعيشية، مبينا أن بعض النظارات بها مشاكل عمرانية، فهي غير متينة، وبعضها يحتاج للإغلاق كنظارة منطقة مخيم الشاطئ، ويفترض ألا تزيد أعداد الموقوفين بالنظارة عن خمسة عشر شخصاً، وقال: "نتحدث عن أعداد تصل إلى سبعين أو ثمانين شخصاً وبعضها تصل إلى 150 شخصاً، وفي بعض المحافظات، توجد نظارة واحدة كمحافظة رفح رغم أن المسافة بينها وبين مركز إصلاح خان يونس قليلة وهو غير مشغل بكامل طاقته".
العقيد أيمن البطنيجي: السجون ممتلئة ولا تستطيع استيعاب المحتجزين في النظارات
يوجد في قطاع غزة خمسة مراكز إصلاح وتأهيل "سجون" مركزية، وحسب المتحدث باسم الشرطة بغزة العقيد أيمن البطنيجي، فإن هذه السجون ممتلئة ولا تستطيع استيعاب العدد الموجود بمراكز التوقيف والنظارات، ما يضطر الشرطة بشكل استثنائي للتوقيف بمراكز الشرطة بحيث أصبح كل مركز عبارة عن مركز توقيف، مع أن الأصل أن تكون هناك نظارة مؤقتة للتحفظ لعدة ساعات.
يقول البطنيجي: "الشرطة حاولت مراراً حل الأمر لكن قصف الاحتلال بعض مراكز الشرطة بالحروب الإسرائيلية على غزة منع ذلك، ولا تستطيع الشرطة تطويرها بسبب صغر مساحتها وهي غير مهيأة لاستيعاب الأعداد الكبيرة، والأصل أن يتم ترحيلهم الى السجون المركزية التي أعدت للعمل ومجهزة ومراقبة من الصليب الأحمر والجهات القانونية العالمية".
وأقر البطنيجي بالتكدس الحاصل داخل النظارات قائلا: "لدينا غرفة أو غرفتان في مراكز الشرطة، فنضع فيها أعدادا زائدة وهذا خارج إرادتنا وهنا يظهر تقصيرنا، ونحن لسنا بحاجة لتوقيف بمراكز الشرطة، لكن السجون تقوم بإعادة من يتم تحويلهم إليها بسبب امتلائها، فيبقى محتجزاً في النظارة بظروف غير طبيعية وتكون ضيقة أحيانا".
وردا على سؤالنا حول سبب عدم فصل أصناف الموقوفين، قال البطنيجي: "إن الشرطة تحاول الفصل بين الموقوفين على "ذمم مالية" عن المتهمين بالإتجار بالمواد المخدرة، لكن الإمكانيات لا تساعد، ورغم ذلك قامت الشرطة ببناء مراكز جديد في منطقة الدرج والتفاح شرق غزة، وغربها بمركز الشيخ رضوان، وخان يونس، وقامت بتوسعة النظارة استثناءً.
يعزو البطنيجي كثرة أعداد الموقوفين، لوجود عدالة فالناس تطالب بحقوقها عبر المحاكم الرسمية وهذا يأتي بقضايا يتم من خلال توقيف الناس، مشيراً إلى أن الذمم المالية أكثر القضايا الموجودة.
النيابة العامة بغزة: خاطبنا الجهات المختصة لحل مشكلة التكدس داخل مراكز التوقيف
الرقابة على مراكز التوقيف تدخل في صلب عمل النيابة العامة من حيث الإشراف والرقابة على جميع المراكز والتواصل مع دور رعاية الأحداث بحيث لا يتم وضعهم حسب نصوص القانون في مراكز التوقيف العادية مع المتهمين الآخرين، وتعمل بشكل مستمر وتقوم بمتابعة وتفتيش تلك المراكز لمراقبة وجود موقوفين بشكل غير قانوني، وفق المتحدث باسم النائب العام في قطاع غزة زياد النمرة.
ويوضح النمرة لمعد التحقيق أن النيابة أحد أركان منظومة العدالة، وهي التي تختص بمباشرة الدعوى الجزائية بجميع إجراءاتها، سواء في مرحلة التحقيق الابتدائي أو النهائي، وتنوب عن المجتمع من أجل الحفاظ على سلامتهم.
وتعقيباً على ما رصدته الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عن حقيقة وجود أحداث داخل النظارات، يؤكد النمرة أن هناك جولات رقابية تقوم بها النيابة، وهناك تعليمات واضحة للتأكيد على تطبيق أحاكم القانون لمنع وجود أي حدث تحت سن الثامنة عشرة، وإنما إيداعهم لدى مؤسسة الربيع، وإن وجدت حالة أو حالتان أو أكثر، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية فوراً.
فيما يتعلق بقضاء مدة الحكم، يبين أنه حينما يكون هناك موقوف ولم يكن محكوماً، يبقى لدى مركز التوقيف لاحتمالية إخلاء سبيله من خلال قرار محكمة، ولمنع التكدس يتم الترتيب ذلك إداريا داخل مركز التوقيف بحيث يناسب العدد مساحة المكان.
لم ينفِ النمرة وجود تكدس داخل النظارات، مُقِراً بملاحظة النيابة لذلك، ومؤكداً أنه جرت مخاطبة الجهات المختصة بعدم صحة هذه الأمر ولا بد أن يكون هناك تناسب بين العدد والمساحة وهناك استجابة، وهي مشكلة "كانت سابقا في الوقت الحالي أصبحت غير موجودة، وفي حال أي خلل هناك متابعة من قبل النيابة إذا كان العدد لا يتناسب مع المساحة".
المشكلة أيضاً بالضفة
مشكلة اكتظاظ النظارات باالموقوفين وإمضاء بعض المحكومين لمدة محكومياتهم فيها وإيقاف الأحداث فيها وعدم الفصل بين المتهمين، لا تتعلق بقطاع غزة، بل تنسحب أيضا على الضفة الغربية.
نظارة شرطة مدينة بيت لحم، أحد أكثر الأماكن التي يوجد بها كل ما سبق من تجاوزات، حسب مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بجنوب الضفة الغربية فريد الأطرش، الذي أكد أنها تعاني من الاكتظاظ الشديد، ويتم فيها إيواء النزلاء وقضاء محكوميتهم رغم أنه يجب عدم جواز التحفظ على الأشخاص فيها لأكثر من أربع وعشرين ساعة.
ويفيد الأطرش أن الهيئة خاطبت إدارة الشرطة ببيت لحم لحل المشكلة، مؤكداً أن الأحداث يتم احتجازهم بنظارة أخرى للشرطة بالمحافظة، في مخالفة للقانون وهذه المشكلة لا تتعلق ببيت لحم، بل بمدن أخرى بالضفة تحتاج لتصويب أوضاعها.
ويصف وضع النظارة بالسيئ وهي بحاجة أن تكون أكبر، حيث تبلغ قدرتها الاستيعابية 20-30 شخصا، لكن يتم وضع 50-70 شخصاً داخلها، وهذا مخالف للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، إضافة لظروفها المعيشية التي لا تتناسب مع المعايير الدولية لظروف المحتجزين، وقال إنه لا يتم الفصل بين أصناف المتهمين، وهذا مخالف أيضاً لقانون مراكز الإصلاح والتأهيل التي تقتضي أن يتم فصل النزلاء، كالمحكومين على ذمم مالية والمحكومين على جرائم أخرى.
مختصة نفسية: دمج الأحداث مع المجرمين ينعكس سلباً على حياتهم مستقبلاً
المختصة النفسية ختام أبو عودة، تحذر من وجود تداعيات مختلفة لذلك، فالعدالة مطلوبة وحق من الحقوق الإنسانية، وإذا ما نظرنا لبعض أماكن التوقيف أو حتى غرف السجون فهي لا تصلح للعيش، خصوصاً بالبرد أو الحر الشديد.
وتقول: "تجميع الموقوفين مع بعض بغض النظر عن أصناف التهم والأعمار ومدة التوقيف ينعكس سلبا على خبراتهم وسلوكهم ومعرفتهم بالحياة، فجميع المسلكيات داخل هذه الأماكن تعمل على تشتيت السلوك وتنعكس على حياتهم الخارجية بالتالي يصبحون بحاجة لتعديل السلوك من داخل المكان، والعمل على تأهيلهم للحياة الخارجية وفق تجربتهم، أهمها النصائح والإرشادات التي عمل عليها المرشدون داخل مؤسسة الربيع.
تؤكد أبو عودة أن الضغط والتوتر ومسلكيات بعض أصحاب القضايا الإجرامية وعدم تفرقتهم بمكان يناسب أعمارهم وقضاياهم وحجزهم يزيد من ضغوطاتهم وإجرامهم بحق أنفسهم، مؤكدة أن التمسك بالقانون والعدالة أيضا ينسحب على هذه الأماكن وعلى الجوانب الحياتية.
وقالت عن وجود الأحداث مع باقي أصناف المجرمين "لا يمكن معاملة من هو أقل من ثمانية عشر عاما معاملة المجرم الذي لديه الخبرة، لأن المجرم سيتعرف على الطفل ولا نعرف ما الحديث الذي سيكون بينهم"، موضحة أن الاضطرابات النفسية تكون نتيجة صدمة أو حدث يمكن أن يتحول لمرض ويبقى اضطراباً يحتاج لعلاج.