هيثم الشريف
زوجتك موكلتي البالغة شرعاً والقاصر قانوناً على مسؤوليتي الخاصة"، عبارة ترد في عقود زواج تبرم خارج إطار المحاكم الشرعية، لتصبح الفتاة بذلك زوجة شرعاً لا قانوناً.
إحدى تلك الحالات غدير (اسم مستعار) 17 عاماً من محافظات جنوب الضفة الغربية، عقد قرانها الصيف الماضي، حدثتنا حول سبب قيامها بعقد الزواج خارج المحكمة، فقالت: "كنا قد توجهنا للمحكمة الشرعية لعقد القران، غير أنهم رفضوا ذلك لعدم بلوغي السن القانونية، ما دفعنا لإحضار شيخ لعقد القران في المنزل من خلال (عقد خارجي)، وبذلك، تم كل شيء متعلق بإجراءات الزواج باستثناء أن كتب الكتاب لم يتم بالمحكمة، علماً أننا لم نقدم لدى المحكمة طلباً لتثبيت العقد، لأن إبرازه يعرضنا للمساءلة القانونية".
تتابع غدير: "بعد بضعة أشهر، سجن خطيبي لدى الاسرائيليين، ولأجل استصدار تصريح زيارة، أبرزت لهم عقد الزواج، إلا أن طلبي رفض، لأني لم أبلغ بعد السن القانونية، ولأنه ليس لدي عقد زواج قانوني يثبت ذلك، ولأن اسمي غير مدرج في هويته كزوجة، ورغم ما أسمعه من انتقادات بعض المحيطين لكوني صغيرة وما زلت طالبة مدرسة، إلا أنني لست نادمة على قرار الزواج في هذا العمر".
السلطة الفلسطينية كانت أصدرت في (3 تشرين الثاني 2019) القرار بقانون رقم (21) لعام (2019) معدل للتشريعات الناظمة للأحوال الشخصية بشأن تحديد سن الزواج في دولة فلسطين، نصّ في مادته الثانية على أنه يشترط في أهلية الزواج أن يكون طرفا عقد القران عاقلين، وأن يتم كل منهما ثماني عشرة عاماً شمسية من عمره/ا.
غير أن القرار بقانون (الذي نشر في الوقائع الفلسطينية في 28 من الشهر نفسه) أجاز للمحكمة المختصة استخدام الاستثناءات بحالات خاصة، إذا كان في الزواج ضرورة تقتضيها مصلحة الطرفين، وفي حالة لم يكملا 18 عاماً شمسية، مع اشتراط مصادقة قاضي قضاة فلسطين أو المرجعيات الدينية للطوائف الأخرى.
الاستثناء يثير مخاوف مؤسسات المجتمع المدني
هذه الاستثناءات التي تمنح القضاة سلطة تقديرية قد يساء استغلالها، أثارت حفيظة منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة، حيث نشر على موقعه الإلكتروني في 13 تشرين الثاني 2019، بياناً قال فيه: "ننظر إلى الاستثناء على أنه مفتوح أمام كل الاحتمالات، لأنه لم يحدد طبيعة الاستثناءات التي قد تصبح قاعدة، ما يشكل عملياً تشريعاً لتزويج الأطفال".
وطن واحد وتشريعات مختلفة حتى في الزواج!
كما أصدر المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية "مسارات" (في 18 كانون الأول 2019) ورقة تقدير موقف أعدتها تهاني قاسم تحت عنوان (قرار تحديد سن الزواج.. الاستثناءات وإمكانية التطبيق) ضمن برنامج التفكير الإستراتيجي وإعداد السياسات، أشارت فيها لبروز مخاوف بشأن مدى إمكانية تطبيق القانون في قطاع غزة في ظل "الانقسام"، كون قرارات الرئاسة والحكومة وقاضي قضاة فلسطين غير مطبقة في القطاع، والمخاوف أيضاً مما نص عليه من استثناءات، إذ يُخشى من إفراغ التحديد للقانون من مضمونه، ومن أنه من المتوقع أن تتكرر حالات الزواج في فلسطين ما دون الـ 18 عاماً في ضوء الاستثناءات".
قبل القرار، ووفق ما أشارت له ورقة تقدير الموقف، كانت المحاكم المختصة في الضفة الغربية، تطبق قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (61) للعام 1976، الذي كانت تنص المادة (5) منه على: "يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين، وأن يُتِمَّ الخاطب السنة السادسة عشرة، وأن تُتِمَّ المخطوبة الخامسة عشرة من العمر".
أما في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة)، فتُطبق المحاكم المختصة قانون حقوق العائلة لعام 1954 الصادر بمقتضى الأمر رقم (303)، الذي تنص المادة (5) منه على: "يشترط في أهلية النكاح أن يكون سن الخاطب ثماني عشرة سنة وسن المخطوبة سبع عشرة فأكثر"، غير أن القانون أورد استثناءً على هذه القاعدة يسمح للقاضي بتزويج من هم دون تلك السن على ألا يقل سن الفتاة عن التاسعة والفتى عن الثانية عشرة، حسب نصّ المواد (6) و(7) و(8) من القانون المذكور ضمن ظروف معينة".
فيما قال مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي من خلال موقعه على وسائل التواصل الاجتماعي نشر في آب 2020 أنه "يتطلع بحذر شديد إلى وجود هذه الاستثناءات في نص وجوهر القانون، وطالب بضرورة تحديدها بشكل واضح وقاطع وتفصيلي من قبل جهات الاختصاص حتى لا يصبح الاستثناء هو القاعدة النافذة بالقانون".
وتساءلت المحامية في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي هيام قعقور حول طبيعة الاستثناءات والمعايير الخاصة بذلك: "صحيح أن القرار بقانون صدر، غير أنه أعطى كل الحريات لعدم تطبيقه! إذ لم يرد فيه نص صريح وواضح حول طبيعة الاستثناءات التي تجري الموافقة عليها، وهذه مشكلة!".
الزواج خارج المحكمة يسلب الزوجة حقوقها
واستعرضت المحامية في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي قضايا يتابعها المركز لفتيات تزوجن بعقد خارجي بعد قرار رفع سن الزواج إلى 18 سنة: "إحدى القضايا لفتاة لم تبلغ بعد الـ17 عاماً من عمرها، عقد قرانها خارج إطار المحكمة، ثم اختلفت مع زوجها على المهر المثبت في ورقة الزواج الخارجية، ولأنه مر شهر على حملها أجهضت حملها، ثم توجهت للمحكمة الشرعية ورفعت دعوى لإثبات الزواج، غير أن زوجها رفض المثول أمام المحكمة وأنكر عقد الزواج، ولا تزال القضية في المحكمة. والقضية الأخرى لفتاة تزوجت بعقد خارجي، وبعد أن أصبحت حاملاً، تم تثبيت الزواج بالمحكمة، غير أن خلافات نشبت بين الزوجين بعد بضعة أشهر، فتوجهت الفتاة (وهي لا تزال دون السن القانونية) للمحكمة ورفعت قضية طلاق، كما أن ما يفاقم المأساة أن هناك فتيات يتزوجن ولا يخطر ببالهن لاحقاً تثبيت الزواج".
كما تناولت المحامية هيام قعقور سُبل الزواج (لمن هم دون السن القانونية) وفق ما يتم فعليّاً: "السبيل الأول من خلال تقديم الخاطبين وولي الأمر طلب استدعاء للمحكمة الشرعية، الذي يرفع لديوان قاضي القضاة بهدف الحصول على الموافقة الاستثنائية للزواج من قبل قاضي القضاة. أما الثاني، فيتم من خلال إجراء عقد زواج خارجي (خارج إطار المحكمة)، من قبل مأذون أو شخص يعرف كيف يوثق أو يكتب صيغة عقد زواج، وحال حدوث الحمل يتم التوجه بالتقرير الطبي للمحكمة الشرعية، لرفع دعوى إثبات زواج، بحيث يتم ذلك (تغليباً لمصلحة الطفل)، رغم مخالفة ذلك لشرط سن الزواج، حتى أصبح رائجاً بالذات في بعض مناطق جنوب الضفة الغربية أن (تزوجوا وبعد فترة بنروح بنثبته)!".
وهو ما تطابق مع ما قاله مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) الدكتور عمار الدويك، الذي أشار إلى رصد الهيئة ما يتم من التفاف على قرار رفع سن الزواج من أجل التهرب من الاستحقاق القانوني (العمر)، خاصة في بعض مناطق جنوب الضفة الغربية: "عدد من المأذونين الشرعيين يقومون بتزويج قاصرات زواجاً عرفيّاً، وبعد مرور فترة على الزواج (وسواء كان هناك حمل أو لم يكن)، يتم الذهاب للمحكمة ورفع دعوى إثبات زواج".
المأذون: لم أتعرض لأية مساءلة
أحد الشيوخ الذين يبرمون عقود زواج خارج إطار المحكمة الشرعية، (الذي تمكنا من الوصول إليه، ووافق على إجراء المقابلة شريطة عدم ذكر اسمه أو الدلالة عليه)، رفض مسمى الزواج الخارجي، بل دافع عنه وقال: "مصدر التشريع الكتاب والسنة، بالتالي، هذا ليس زواجاً خارجيّاً ولا حتى عرفيّاً، وإنما زواج وعقد شرعي، تكتمل فيه أركان الزواج من رضا الطرفين الخاطبين ووجود الولي والشهود الذين تكتب أسماؤهم وأرقام هوياتهم، ونوثق فيه حقوق الفتاة من المهر والصداق والمقدم والمؤخر، ثم يتم الإشهار، فإن تم كل ذلك لا يبقى شيء، وبالتالي، صحيح أن ما يعقد في المحكمة هو شرعي وقانوني، لكن ما يعقد خارجها شرعي وإن خالف القانون".
لكن الشيخ الذي أكد أن إبرامه لمثل تلك العقود يأتي من باب سد الذرائع وأبواب الفتنة، قال: "لم يسبق أن تعرضت لأية مساءلة من أي جهة رسمية نتيجة لقيامي بإبرام مثل تلك العقود لمن هم دون السن القانونية"، وشدد على أن الأطراف التي تطلب إبرام العقد هي الأطراف التي تتحمل المسؤولية: "في نص العقد، يقول الأب للزوج إنه يزوج ابنته له على مسؤوليته الخاصة، فيقبل الزوج ذلك على مسؤوليته الخاصة، بالتالي، فإن أي مخالفة قانونية (بسبب مخالفة شرط العمر) تقع عليهم".
الشيخ الذي رفض ذكر عدد العقود التي أبرمها (بعد قرار رفع سن الزواج)، رفض أيضاً إعلامنا حول قيمة المبالغ المالية التي يتقاضاها نتيجة إبرام تلك العقود، مكتفياً بالقول إنه لا يطلب أجراً وإنما يتلقى إكرامية، مع إشارته إلى أن أصغر فتاة قام بعقد قرانها كانت تبلغ من العمر 17 ربيعاً.
من جهتها، شككت المستشارة القانونية لوزارة شؤون المرأة سونا نصار بركن الرضا لمن يتم تزويجهن دون الـ 18 سنة، وقالت: "حين يكون عمر الفتاة أقل من ذلك ويتم التغرير بها أو خداعها أو أغراؤها بأشياء معينة، وتوافق على أن يتم الزواج خارج إطار المحكمة أو بعيداً عن الإجراءات القانونية، فإن هذا يعني الشك أصلاً بركن الرضا لدى الفتاة".
الشيخ الذي يبرم عقود الزواج خارج المحكمة رد على ذلك قائلاً: "إذا كانت الفتاة أهلاً للزواج، ولديها المقدرة على حمل الأمانة، يجب تزويجها، ثم إن الزواج دون سن الـ 18 حق للفتاة والولي، وليس من حق أحد آخر التدخل بالموضوع، كما أنني وحفاظاً على حقوق الفتاة، فإنني أشترط على الزوج (ضمن بند الشروط الخاصة التي ترد في العقد) توثيق المعاملة في المحكمة الشرعية وموافقة قاضي القضاة حال بلوغها السن القانونية".
تمكنا من الوصول الى أحد عقود الزواج المبرمة على يد مأذون خارج المحكمة بعد قرار رفع سن الزواج، وقد ورد هذا الشرط فعلاً في عقد زواج معنون بـ (اتفاقية لعقد زواج شرعي) والعقد مكتوب بخط اليد وممهور بتوقيع الولي والخاطبين والشاهدين.
العقد أرفقت معه مراسلة مطبوعة للمحكمة الشرعية لا ترد فيها سوى معلومات الخاطبين وتوقيعهما والولي، لكنها غير مؤرخة.
مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) اعتبر أن المأذون الذي يقوم بالتزويج خارج إطار التسجيل الرسمي والقانوني يكون قد ارتكب جريمة منصوصاً عليها في قانون العقوبات، داعياً إلى ملاحقة ومتابعة من يعملون (سماسرة زواج)".
وقد أوضحت المستشارة القانونية لوزارة شؤون المرأة العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني رقم (16) لعام 1960 بالنسبة للأشخاص الذين يكتبون الكتاب خارج الإطار القانوني، أو يجرون مراسيم الزواج أو من كانوا طرفا في ذلك" وفق المادة (279)، فعقوبة مثل هذه الجنح الحبس من شهر لغاية 6 أشهر، مع ذلك، يتيح القانون للقضاة الأخذ بالحد الأدنى من العقوبة أو كما جاء في المادة (97) من القانون، يمكن للقاضي تحويل عقوبة الحبس التي تكون دون 3 أشهر لغرامة مالية، بالتالي العقوبة متدنية جدا وغير رادعة".
مؤسسات نسوية: الاستثناءات غير المبررة "تجارة بالبنات"
وحول بند الاستثناءات الواردة في قرار رفع سن الزواج، شددت المستشارة سونا نصار على أن موقف الوزارة منذ البداية كان واضحاً بأن يكون القرار دون استثناءات، مع ذلك، فقد تناولت بعض المبررات أو الحالات التي قد تكون داعمة لفكرة الاستثناءات: "كأن تكون يتيمة، أو ليس لها أحد، أو لديها ظروف عائلية معينة، أو أن يكون ذلك علاجاً لمشكلة ما داخل الأسرة.. إلخ".
وتقول المديرة العامة لمركز الدراسات النسوية ساما عويضة: "حسب ما يرد للمركز، فإن من بين الحالات التي تتم الموافقة فيها استثنائيا، ألا يكون للطفلة من يصرف عليها، أو أن تكون قد فقدت والديها، ومثل هذه الاستثناءات غير مبررة وغير مقنعة، لأن المفروض أن الرعاية هي مسؤولية الدولة، التي من الواجب أن توجد مؤسسات تعنى برعاية الأطفال، ناهيك عن أنه ومن وجهة نظرنا، تبقى الاستثناءات غير محددة أو واضحة، لذلك، فإننا نعتبر أن كل ما يجري فعليا يأتي في إطار استغلال كل الثغرات المتروكة في موضوع الاستثناءات".
كما أشارت المديرة العامة لمركز الدراسات النسوية إلى قيام بعض الرجال من الأراضي المحتلة لعام 1948 باستغلال القانون: "منهم من يتزوجون طفلات في الضفة الغربية، ولا يستطيعون تسجيلهن كزوجات لهم في داخل المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل (لأن القانون الإسرائيلي المطبق لديهم يمنع التعدد ويمنع زواج الصغيرات)، وحين تنجب أطفالاً، يقوم بتسجيلهم على اسم زوجته الأولى! وإن حدث وطلقها، فليس هناك ما يثبت أن هؤلاء أطفال هذه الطفلة! علماً أن أغلب هذه القضايا تحدث في بعض محافظات جنوب الضفة الغربية، بالتالي، هناك الكثير من القضايا المعقدة جدا التي يتم رصدها، والتي يؤسفنا أن نقول إنها عبارة عن اتجار بالبنات".
عميد وجهاء عشائر محافظة الخليل الحاج عبد الوهاب غيث الذي استغرب أن تكون هناك استثناءات للزواج لأسباب موجبة (بدافع الستر عليها)، وفي نفس الوقت أنه لا يجوز للفتاة أن تتزوج بإرادتها دون هذا السن! وبرر موقفه هذا باستعراض بعض فوائد الزواج المبكر: "حين تكون الفتاة صغيرة، تتطبع بأطباع الرجل وتنشأ على أساس أنه المسؤول عنها، وكلما تزوجت في عمر أكبر، زادت منافستها للرجل على الحكم في المنزل، وهو ما يسبب المشاكل، ولو تمت مراجعة نسب الطلاق وربطها بأعمار المطلقات، ستجد أن النسب تزيد كلما كان عمر الفتاة أكبر، وما ذلك إلا بسبب منافستها للرجل".
والحقيقة أن نسب الطلاق حسب أعمار المطلقات لا تؤكد تفسير الحاج عبد الوهاب، فحسب الجدول المرفق، وقعت في العام 2020 وحده 1671 حالة طلاق لفتيات بين 15-19 سنة مقابل 6335 لنساء من مختلف الأعمار، وهو ما يعني 21% تقريباً.
جدول مرفق 1: وقوعات الطلاق المسجلة في فلسطين حسب عمر المطلق والمطلقة، 2020
جدول مرفق 2: وقوعات الطلاق المسجلة في فلسطين حسب نوع الطلاق، 2020
لكنّ لزواج الطفلات دون السن القانونية آثاراً صحية أثبتتها الدراسات وحالات الرصد التي قام المركز وفق تأكيدات ساما عويضة: "رحم الطفلة أحيانا لا يستوعب الحمل، بالتالي فإن من تلك الآثار انفجار الرحم، وفعلاً فإن هناك فتيات انفجرت أرحامهن ولم يعدن قادرات على الإنجاب، ليس ذلك فحسب، بل إن الزوج إثر ذلك تزوج من غيرها لأنه ليس لديها اطفال، لتصبح بذلك الزوجة الأولى المضطهدة".
تضيف عويضة: "هناك مشاكل اقتصادية في حال طلقت الطفلة أو مرض أو توفي زوجها، فهي غير قادرة على أن تفتح بيتاً وغير مؤهلة أن تلتحق بالعمل، حيث تشير إحصائيات جهاز الإحصاء المركزي إلى أن الفقر ينتشر في الأسر التي تعيلها امرأة، وهذا يعني من وجهة نظرنا أن النساء لم يؤهلن أو يعطين الفرصة لأن يكنّ مؤهلات وقادرات على العمل ورعاية الأسرة قبل الزواج بشكل يمكنهن من إعالة الأسر، والمقصود هنا اللاتي يتم تزويجهن وهن طفلات غير جاهزات للإعالة في حالة سفر الزوج أو اختفائه أو وفاته، وحتى في حال تزوج من أخرى، فهي تترك مع أسرة غير قادرة على إعالتها".
جدول مرفق 3: نسب السكان الذين يعيشون دون خط الفقر الوطني حسب الجنس والعمر
زوجات في الصف العاشر: لم نكن جاهزات للزواج
ومن الحالات التي لم تُعطَ الفرصة قبل الزواج لكي تكون مؤهلة لرعاية الأسرة، هبة (30 سنة) من محافظات شمال الضفة الغربية، التي تزوجت زواجا تقليديا وهي لا تزال تبلغ من العمر 15 سنة ونصف السنة، تقول هبة: "لم أكن جاهزة قط، وضعيفة لدرجة غير طبيعية، ولم أكن أفهم معنى المسؤولية، كنت في الصف العاشر، حيث وافق أهلي على زواجي من مقاول يكبرني بـ 13 سنة، ولأنه لم يكن ممكناً التوفيق بين مسؤولية البيت والمدرسة، تركتها".
وتضيف هبة: "ولأن أهلي لم يدركوا حجم الخطأ الذي ارتكبوه بحقي، جرى تزويج أختي الأصغر بعدي بعام، وكان عمرها لا يزيد على 16.5، إلا أنهم ونتيجة لكمية الظلم الذي شعروا أنه قد لحق بنا، وكيف كنا لا نستطيع تحمل مسؤولية بيت، يرفضون حاليا تزويج أختي الثالثة قبل أن تبلغ 20 سنة، وتكمل تعليمها، مع ذلك، فإن صديقات لي (دون السن القانونية) ممن لم يعجبهن قرار رفع سن الزواج، سافرن للأردن وعقدن قرانهن هناك وعدن إلى هنا متزوجات".
حالة أخرى لفتاة تزوجت وهي دون السن القانونية، فضلت عدم ذكر اسمها، علا (اسم مستعار) (29 سنة) من محافظات شمال الضفة الغربية، أكدت أنها حين تزوجت لم تكن تستطيع أن تقرر مصيرها، إذ تزوجت بعمر 17 سنة زواجا تقليديا من ابن عمها، وهي لا تزال طفلة في الصف العاشر، حيث أكدت أن تجربتها تركت بها آثاراً سلبية كثيرة نفسية واجتماعية: "أن تكوني طفلة وتنجبي الأطفال وتدرسي وتكون لديك واجبات زوجية واجتماعية، كل هذا يترك أثراً".
الشرطة ووزارة التنمية الاجتماعية: نتدخل لتحقيق المصلحة الفضلى للضحية وأطفالها
تشير المادة (44) من قانون الطفل الفلسطيني لعام 2004: "تعد من الحالات الصعبة التي تهدد سلامة الطفل أو صحته البدنية أو النفسية ويحظر تعريضه لها: تعريضه للزواج بالإكراه".
لكن حين يقع هذا الزواج، سواء بالإكراه أو التوافق، سيكون على الجهات الحكومية التدخل لتحقيق المصلحة الفضلى وتدارك تفاقم الأمور نحو الأسوأ.
مدير عام الإدارة العامة للأسرة والطفولة في وزارة التنمية الاجتماعية محمد القرم تطرق لشكل التدخلات فيما يتعلق بزواج القاصرات: "نقوم بالتدخلات في حالات العنف، والتزويج القسري، بحيث نعمل على توفير الرعاية والحماية وتحقيق المصلحة الفضلى للضحية، إما من خلال مراكز الحماية والرعاية التابعة لنا، أو من خلال تعهدات وضمانات لدى أسرة الضحية، وذلك حسب قضية كل حالة، ناهيك عن تدخل مرشد الحماية مع الأهل من أجل إرشادهم وتوجيههم وتبصيرهم حول مخاطر الزواج المبكر".
وحول عدد الزيجات التي تمت وفق بند الاستثناءات، قال محمد القرم: "تدخلت الوزارة مع طفلتين، الأولى عمرها 16 سنة حامل بالشهر التاسع، فقدمنا توصية لعقد القران تحقيقاً لمصلحتها ومصلحة الجنين، وتم عقد اتفاق مع أسرة الطفلة وأسرة الشاب والقاضي الشرعي بألا تنتقل الطفلة إلى سكن الزوجية إلا بعد بلوغها عمر 18 سنة، فيما الثانية كان عمرها 17 سنة، وهي حامل في الشهر الخامس، وتم توفير الحماية والرعاية لها في أحد مراكز الوزارة إلى أن أنجبت، وخلال هذه الفترة، تم العمل مع أسرتها ومع أسرة الشاب والقاضي الشرعي وتم عقد قرانها تحقيقاً لمصلحتها ومصلحة الجنين".
من جانبه، تناول مسؤول العلاقات العامة في إدارة حماية الأسرة في الشرطة الفلسطينية المقدم منتصر برهم بعض أشكال التدخل التي تقوم بها إدارته: "في حالة هروب الفتاة من المنزل، أو اكتشاف أمر اثنين أو وجود ما يستدعي زواجهما، أو أن تكون هناك علاقة غير شرعية، أو في حالة خروج فتاة مع أحدهم لعدة أيام، وبالتالي فإن عدم تزويجها يشكل خطورة عليها من قبل الأهل، بالتالي، ولكي لا تزيد الخطورة عليها ولمعالجة الموضوع، وبموافقة جميع الأطراف، وتوافق الشركاء، يتم رفع الملف للمحكمة الشرعية التي تقوم بدورها بمراسلة قاضي القضاة من أجل الحصول على موافقة على طلب الاستثناء".
جدول مرفق 4: إحصائية النساء الأقل من 18 عام اللواتي تم تزويجهن بعد صدور قرار رفع سن الزواج إلى 18 سنة
وحول طريقة تعاطي المشافي مع حالات الولادة لمن هم دون الـ18 سنة، خاصة إذا لم تكن هناك أوراق رسمية ثبوتية، قالت رئيسة وحدة صحة وتنمية المرأة في وزارة الصحة هديل المصري، إن الوازرة لم ترصد حالات مشابهة إلا إذا كان هناك اعتداء: "مع ذلك، وبهدف التقصي والتحري والتحقق، وخشية أن يكون ذلك ناتجاً عن اعتداء معين أو أن تكون مهددة بالقتل، فإن حدث ولم يكن هناك عقد أو توثيق زواج، أو كان ذلك خارج نطاق الزواج، أو كان ذلك نتيجة اعتداء، نقوم بإبلاغ الشركاء من شرطة حماية الأسرة ووزارة التنمية الاجتماعية، علماً أننا ورغم أي ظرف كان، نقدم الخدمة لأنها تكون في حالة ولادة".
جدول مرفق 5: نسبة السيدات اللواتي أنجبن بعمر أقل من 18 سنة
وفي سؤالنا لسونا نصار حول مدى علم وزارة شؤون المرأة بعدد طلبات الاستثناء المقدمة لقاضي القضاة أو الموافق عليها منذ صدور القرار، قالت: "العدد غير متوفر، مع ذلك نؤكد أن عدد الاستثناءات قليل جدا إذا ما قورن مع عقود الزواج التي تتم، وبالتالي، لا تمثل ظاهرة".
جدول مرفق 6: عقود الزواج المسجلة في المحاكم الشرعية والكنائس للأفراد أقل من 18 سنة في الضفة الغربية حسب الجنس والمحافظة، 2020
جدول مرفق 7: عقود الزواج المسجلة في فلسطين حسب عمر الزوج والزوجة، 2020
جدول مرفق 8: نسبة النساء المتزوجات حالياً أو اللواتي سبق لهن الزواج (15-64 سنة) في فلسطين وتعرّضن (على الأقل لمرة واحدة) لأحد أنواع العنف من قبل الزوج خلال 12 شهراً الماضية حسب الخصائص الخلفية ونوع العنف، 2019
رغم ذلك، تنبغي الإشارة لما أعلنه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عشية يوم المرأة العالمي 2022، حيث أفاد بتراجع نسب الزواج المبكر في المجتمع الفلسطيني، وأن نسبة النساء اللواتي تتراوح أعمارهنّ ما بين ( 24 -20 سنة) وتزوجن قبل بلوغهن سن 15 سنة في فلسطين 0.7%، وذلك خلال العام 2019/2020؛ مقارنة بــ2.1% عام 2014 "https://pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=4187.
قاضٍ شرعي سابق: في حال وجود حمل، فإن دعوى إثبات الزواج الخارجي لا تقع ضمن طلبات الاستثناء
قاضي محكمة الاستئناف الشرعية السابق، الدكتور محمد جمال أبو اسنينة، المحاضر الجامعي، الذي يشغل حالياً مدير المركز القانوني لفض النزاعات، والذي تقاعد بعد قرابة العام على صدور قرار رفع سن الزواج، والذي بين لنا في بداية حديثه السن القانونية وفق ما جاء في القرار: "شرط إتمام عمر الـ 18 سنة وفق ما جاء في نص القرار بقانون يعني دخول اليوم الأول من عمر 19 سنة، ومن هم دون ذلك السن يحتاجون إلى موافقة قاضي القضاة استثناء".
كما اعتبر قاضي محكمة الاستئناف الشرعية السابق أن رفع سن الزواج أوجد مشكلة تتمثل في حدوث الزواج خارج إطار المحاكم الشرعية، وأن من بين تلك الآثار حصول خلاف يفضي للطلاق بين من تزوجوا خارج إطار المحكمة وهم لا يزالون دون السن القانونية".
مدير المركز القانوني لفض النزاعات، أكد أن من صور طلبات الاستثناء التي يتم رفعها لأخذ موافقة قاضي القضاة (رغم أنهن دون السن القانونية)، عدم وجود معيل، أو اليتم أو فقدان الطفلة لوالديها أو الدخول في علاقة غير مشروعة أو الاغتصاب أو زنا المحارم (علماً بأن حالات الاستثناء الناتجة عن العنف أو الاغتصاب أو زنا المحارم من الحالات النادرة جدا في مجتمعنا الفلسطيني)، وأضاف يقول: "ومن صور طلبات الاستثناء الأخرى أن تدخل الأطراف المعنية على القاضي وتوضح وتشرح له ظروفهم والأسباب الموجبة لتقديم طلب الاستثناء، كأن تكون هناك بضعة أشهر فقط على بلوغ السن القانونية أو أن أحداً ما من أهل زوجها سيسافر.. أو الارتباط بمناسبة ما.. أو لوجود شخص مريض طاعن بالسن.. إلخ، فيطلبوا الإذن بإجراء عقد الزواج".
وفي حال تمت الموافقة، يتابع الدكتور أبو اسنينة: "يتم إجراء العقد ابتداء في المحكمة ولو كان دون أهلية سن الزواج، ولكن في حالة رفض طلب الاستثناء أو تأخر الرد، أو بسبب تعجل الناس، يقومون بإبرام عقد غير رسمي أو ما يسمى (العقد العرفي- مكتملة الشروط ما عدا سن أهلية الزواج- عقود شرعية لكنها مخالفة للقانون)، ليتم الزواج خارج إطار المحكمة، من خلال مأذون متقاعد أو شيخ يعرف شروط إجراء العقد (وطبعاً في ذلك مخالفة قانونية، وتقع العقوبة على من أبرم العقد والولي والشاهدين)، وحين يحدث الحمل، يتقدمون بدعوى شرعية من خلال نيابة الأحوال الشخصية للمحكمة بطلب إثبات الزواج، التي تصادق لهم على حصول العقد العرفي وتاريخه، وهو ما يعني البت في ذلك من خلال المحكمة ولا يرفع لقاضي القضاة".
كما سرد لنا القاضي الشرعي السابق إحدى القصص: "قبل بضعة أشهر، حضر لطرفي أشخاص قالوا إنهم سبق أن تقدموا بطلب استثناء دون حصولهم على رد، الأمر الذي دفعهم لعقد زواج عرفي، وأخبروني أن الفتاة الآن حامل، فقمت بتوجيههم للمحكمة والنيابة الشرعية التي رفعت لهم قضية فتمت الموافقة عليها".
وبين القاضي أبو سنينة أن الحالات (دون السن القانونية) التي تكون قد أبرمت زواجاً خارجياً وبعد حدوث الحمل، التي ترفع دعوى إثبات زواج، لا تقع ضمن طلبات الاستثناء: "ففي مثل هذه الحالة، أجاز القانون لمن حملت أو بلغت السن القانونية التقدم للمحكمة عبر رفع دعوى إثبات الزواج من أجل تثبيت عقد الزواج العرفي "غير الرسمي"، وليس لأجل عقد زواج جديد آخر، حيث لا يجوز إبرام العقد مرتين، عندها، تقوم النيابة الشرعية بعمل محضر بالواقعة وترفعه للمحكمة الشرعية بحضور الطرفين، فيتم التصادق على حصول الزواج والحمل بتقرير طبي، ويتم تثبيت ذلك في العقد والحصول على قرار من المحكمة أن العقد أصبح ثابتاً وصحيحاً، بالتالي، لا يرفع لقاضي القضاة ضمن فئة طلبات الاستثناءات".
عقد فاسد يجب فسخه إلا في إحدى حالتين
المحاضر الجامعي أوضح أن العقد الذي يتم إجراؤه دون سن أهلية الزواج حسب القانون، سواء السابق أو الحالي، يسمى عقداً فاسداً ويجب فسخه، ويتم تصحيحه في حالتين، إما بحدوث الحمل أو ببلوغ السن القانونية (سن أهلية الزواج): "من الناحية الشرعية العقد وأركانه وشروطه صحيحة وموجودة، والتوثيق ليس ركنا في عقد الزواج، ولكن من ناحية قانونية هذا عقد فاسد، ويتم تصحيح هذا الفساد إذا حدث الحمل أو إذا بلغ الطرفان السن القانونية، وبالتالي لا حاجة لتقديم طلب استثناء".
القاضي السابق الذي أشار إلى أن الشخص الذي يقوم بإجراء مثل هذه العقود لا يقوم بالتوقيع على الورقة تهرباً من العقوبة المنصوص عليها في المادة (17) من قانون الأحوال الشخصية النافذ في المحاكم الشرعية الفقرة ج- وإذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية، فيعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني وبغرامة على كل منهم لا تزيد على مئة دينار".
مطالبات بلائحة تنظم الاستثناءات وتحدد معاييرها
وختم الدكتور محمد جمال أبو اسنينة قاضي محكمة الاستئناف الشرعية السابق حديثه بالتشديد على ضرورة وضع لائحة تبين فيها الضوابط والمعايير والأسباب المقبولة بشكل واضح لقبول الاستثناء، وأن يتم إعطاء صلاحيات للقضاة أيضاً، وليس لقاضي القضاة فقط، من أجل النظر والبت في مثل تلك الطلبات"، مضيفاً أن وضع ضوابط لهذه المسألة وتعميمها على المحاكم، يخفف الأعباء على الناس، وقد يقلل من ظاهرة إبرام العقود خارج إطار المحكمة الشرعية لمن هم دون السن القانونية".
كذلك شدد الدكتور الدويك، الذي وصف قرار رفع سن الزواج بأنه خطوة بالاتجاه الصحيح، وأن هذه الخطوة يجب أن تتبعها خطوات لاحقة بحيث نصل لرفع نهائي للاستثناءات، على أهمية أن يكون الاستثناء منظماً بشكل واضح، بحيث يحدد أمرين: "المعايير أو الحالات التي تتيح الاستثناء مع هامش السلطة التقديرية، كذلك الإجراء، ويفضل أن تكون هناك لجان متخصصة، أو أن يتم بناء على تقارير جهات فنية (مشكلة من قضاة ومرشدين اجتماعيين مثلا) تقوم بمراجعة كل حالة ودراستها، ومن ثم ترفع التوصية وفق معايير مهنية بحيث لا يصبح القرار قراراً سياسياً أو خاضعاً لسلطة تقديرية، ولا يكون هناك أي مجال للتعسف أو التساهل، وفي سبيل ذلك، فإن موضوع الاستثناءات بحاجة للمتابعة وإجراء نقاشات وجلسات حوار مباشرة مع المسؤولين، بمن فيهم مكتب قاضي القضاة.
غير أن رئيس دائرة التفتيش القضائي في ديوان قاضي القضاة القاضي عبد الله حرب، الذي شارك وواكب مرحلة إقرار القانون، رد بأن القانون هو من حدد بأن الموافقة على الاستثناءات بيد قاضي القضاة فقط، وأن سبب إبقاء الأمر في المرحلة الأولى في يد شخصٍ أعلى هرم السلطة القضائية الشرعية، لأن لديه القدرة على تحمل المسؤولية وضغط الناس والمسؤولين والمؤسسات، وأضاف" مع ذلك فإن من يعمل على تجهيز وفرز ملفات وطلبات الاستثناء التي تقدم لقاضي القضاة، مكتب قاضي القضاة وفق التعليمات والتوجيهات والشروط التي حددها بنفسه، ومن ضمنها أنه لا يُنظر بأي طلب استثناء دون الـ17 سنة (إلا إذا كان هناك ضرورةً أكثر أهمية) وهو ما يؤكد على الجدية في الموضوع وأن الأمر غير مفتوح على مصراعيه".
وحول الضرورة التي تقتضيها مصلحة الطرفين الواردة في القانون للموافقة على الاستثناءات لمن هم دون السن القانوني قال القاضي عبد الله حرب أن هناك مؤشرات تعزز الطلب، منها أسباب خاصة أو شخصية أو أسباب مرتبطة بالبيئة الأسرية أو الاجتماعية أو أسباب إنسانية " مثل ولد وحيد أسرته، أو ولد والده طاعن في السن أو مريض ويريد تزويج ابنه قبل أن يموت، أو أن أحدهما مضطر للسفر، أو فتاة في بيئة غير آمنه، أو لم تتعلم، أو التي تهدد السلم الأهلي (المحولة لنا من الجهات الشريكة)، علماً أن من يتم الموافقة على طلبه نرسل للمحكمة في منطقته بأن لا مانع في ذلك، فيما عدى ذلك فإننا لا نعطي رداً وهو ما يعني الرفض".
كما بين حرب أن مكتب قاضي القضاة تلقى منذ صدور القرار بقانون لغاية اليوم ما بين (10-12) ألف طلب استثناء من كل المحافظات، نسبتها الأكبر من محافظة الخليل، وأن عدد طلبات الاستثناء الموافق عليها تزيد بقليل عن 2000 طلب".
كما أوضح رئيس دائرة التفتيش القضائي أن أسباب عدم تحديد معايير مكتوبة للاستثناءات، تعود لأن حاجات المجتمع لا تنتهي، وأن لكل حالة خصوصيتها وأسبابها التي تختلف عن الأخرى، ولأجل استيعاب الحالات النادرة التي قد تأتيك بالمستقبل" فلو تم تحدد المعايير وكان هناك ضرورة للموافقة على استثناء غير مدرج ضمن معايير محددة مثلا سنضطر حينها لرفضها، مع ذلك لا مانع مستقبلاً، وبعد انقضاء فترة زمنية يستقر فيها فهمنا للقانون من خلال التطبيق، إن وجدنا ان هناك حاجة لضبط الموضوع من خلال لجنة وصياغة معايير عامة مكتوبة يدرج فيها عبارة (أخرى)، لتغطية الحالات الجديدة أو الاستثنائية التي لم تكن قد مرت علينا، فلا مشكلة في ذلك".
وقد اعتبر حرب أن إقرار القانون، والنقلة الكبيرة في موضوع رفع سن الزواج حوالي 3 سنوات ونصف للفتاة، وعدم مواكبة ذلك من خلال برامج ثقافية هادفة لتوعية وتغيير ثقافة المجتمع، ومن أن في ذلك مصلحة للمرأة والأسرة والطفل، إضافة لتشددنا في موضوع الاستثناءات، كل ذلك أدى للالتفاف على القانون، وبروز ظاهر الزواج العرفي" يضعونا تحت الأمر الواقع، لأنه وبموجب القانون، إذا ما حملت الزوجة أصبح لزاما على المحكمة أن تصادق على الزواج وتثبته، علماً أنها لا ترفع لقاضي القضاة لأنها لا تندرج ضمن بند الاستثناءات".
كما أشار القاضي حرب أنه" منذ بدء تطبيق القرار إلى الآن، هناك حوالي 500 دعوى اثبات زواج، نسبتها الأكبر من محافظة الخليل وجنوبها، إضافةً لمناطق الأرياف والمجتمعات البدوية بمختلف المحافظات والأغوار، وعدد قليل من العقود المبرمة (لمن هم دون الـ 18 سنة) في الأردن أو في المحكمة الشرعية التابعة لها في القدس، في حين قبل قرار رفع سن الزواج لم يكن لدينا أي دعوى إثبات زواج".
وقد أكد رئيس دائرة التفتيش القضائي أن هناك أعداداً أخرى من الزواج العرفي التي تتم لم تصل للمحكمة بعد بسبب عدم وجود حمل" لأنها لو وصلت قبل الحمل، فإن تلك العقود واجبة الفسخ لعدم الأهلية لكون السن غير قانوني بموجب القانون، استناداً لما نصت عليه المادة 43 من قانون الأحوال الشخصية في كل ذلك (بقاء الزوجين على الزواج الباطل أو الفاسد ممنوع فإذا لم يفترقا يفرق القاضي بينهما عند ثبوت ذلك بالمحاكمة باسم الحق العام الشرعي ولا تسمع دعوى فساد الزواج بسبب صغر السن إذا ولدت الزوجة أو كانت حاملاً أو كان الطرفان حين إقامة الدعوى حائزين على شروط الأهلية)".
https://maqam.najah.edu/legislation/137/
ورغم المصادقة على عقود دعوى اثبات الزواج، يتابع حرب" تجري معاقبتهم لمخالفتهم لقانون الأحوال الشخصية حسبما نصت عليه المادة 17 الفقرة ج-منه " وإذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني وبغرامة على كل منهم لا تزيد عن مائة دينار" بالتالي كل من وصل للقضاء الشرعي تغرم وهم بالمئات.
https://maqam.najah.edu/legislation/137/
كما أننا يتبع القاضي "ولمخالفتهم قانون العقوبات نحولهم للنيابة العامة من أجل السجن أو الغرامة بموجب قانون العقوبات المادة 279 (من يشارك بمراسم عقد زواج عرفي يسجن لمدة لا تزيد عن 6 أشهر وبغرامة لا تزيد عن 100 دينار على كل شخص)، وقد حولنا عشرات العقود العرفية للنائب العام (نحول العقد العرفي ككل، أي العاقد والزوج والزوجة ووالد الفتاة والشاهدين -6 أشخاص لكل عقد)".
لكنه ألمح لاحتمال وجود ثغرة في القانون إن لم يكن ذلك جاء عن قصد " تنص المادة على معاقبة من علم بذلك، بمعنى أنه إذا شهد شخص على العقد وهو لا يعلم أنه زواجاً عرفياً لا يعاقبه القانون، وبإمكانه الطعن في ذلك".
وختم القاضي عبد الله حرب رئيس دائرة التفتيش القضائي في ديوان قاضي القضاة حديثه، بالتأكيد على أن تحويل عشرات العقود للنيابة العامة فقط مرده الرغبة في التدرج بالأمر والحفاظ على السلم الأهلي" تركيزنا على من يجرون مثل هذه العقود، على اعتبار أنهم من تسببوا بمثل هذه المشكلة، عليه فمنذ قرار رفع سن الزواج إلى الآن حولنا للنيابة العامة 10 أشخاص أجروا مثل هذه العقود، أحدهم مأذون شرعي من رام الله وقد قمنا بعزله بحسب القانون قبل تحويله للنيابة العامة، فيما عداه فهم شيوخ ووجهاء أو مأذونين متقاعدين".
يبقى أن نشير إلى أن الموقع الرسمي لقاضي القضاة لم ترد فيه أي تقارير سنوية بعد الـ عام2018.
http://www.kudah.pna.ps/ar_folder.aspx?id=2cZRMpa108499842a2cZRMp
رغم ذلك فقد أشار حرب إلى أن إحصائيات القضاء الشرعي عن العام2021 تشير إلى زواج 26688 في الضفة الغربية.