إعداد: محمد أحمد
بعد أن استنفد كافة محاولاته لتجاوز تحديات المرض، اضطر المريض (ع. ز) مغادرة مسكنه الواقع في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة، منتقلاً عبر سيارة إسعاف برفقة ذويه إلى مشفى شهداء الأقصى، وهو المشفى الوحيد في المنطقة.
مكث (ع.ز) على سرير قسم الكلية الصناعية داخل المشفى، بعد خضوعه لعملية غسيل الكلى، التي استوجبت وحدة دم إضافية، غير أن المعضلة كانت في اقتراب وحدات الدم داخل المشفى من النفاد، بفعل تراجع المواطنين عن التبرع بوحدات الدم في ظل انتشار الطفرة الخامسة لجائحة كورونا.
ويحتاج مرضى الكلى بوجه خاص، لوحدات دم إضافية بفعل نقص الهرمون الذي يتحكّم في عملية تكوين كريات الدم الحمراء داخل الجسم.
ويتردد على مشفى الأقصى الذي يخدم ما يزيد على 220 ألف نسمة، 150 مريضاً بالفشل الكلوي، وجميعهم بحاجة إلى ما يعرف بـ"غسيل الكلى" مرتين على الأقل أسبوعياً. ويتوفر داخل قسم الكلى بالمشفى 18 سريرا، إلى جانب سرير واحد خاص بالعناية الفائقة، الأمر الذي يضطر الطاقم الطبي لتقسيم عمل القسم على ثلاث فترات خلال اليوم.
وأوضح الطبيب أسامه أبو رحمة، أخصائي أمراض الكلى، أن هؤلاء المرضى (أي مرضى الكلى) يعانون نقصاً في هرمون (إريثروبويتين)، لذا يتم حقنهم بهذا الهرمون، وفي حال عدم توفره، يتطلب الأمر إعطاء المريض وحدات دم إضافية لتلافي أعراض الأنيميا.
وبعدما انتهى محمد خطاب وهو واحد من أفراد كادر التمريض داخل قسم الكلى بمشفى الأقصى، من نقل وحدة دم إلى أحد المرضى، قال إن القسم يستقبل بين 45-50 مريضا بشكل يومي، ثلثهم بحاجة إلى وحدات دم إضافية نتيجة عدم توفر هرمون (إريثروبويتين).
وأشار خطاب، الذي يملك خبرة تزيد على 15 عاما في قسم غسيل الكلى، إلى أن المشفى يحاول أن يقدم خدماته للمرضى وفق الإمكانات المحدودة، غير أن امتناع المواطنين في ظل جائحة كورونا عن التبرع بالدم يفاقم الأزمة أحياناً.
يتقاطع ما قاله خطاب، مع تأكيد رئيس قسم بنك الدم داخل مشفى شهداء الأقصى الذي أكد على أنهم بحاجة إلى 15-20 وحدة دم يومياً، تنقل جميعها إلى قسم الكلى، الأمر الذي يشكل عبئاً إضافيا على كاهل بنك الدم.
وأوضح أن رصيد البنك الاحتياطي الفعلي من وحدات الدم، 120 وحدة، من مختلف الفصائل، مبيناً أن وباء كورونا قد ضاعف الأزمة، حيث أحجم المتبرعون عن الإقبال للتبرع بالدم، خشية من عدوى الفايروس.
ولفت إلى أن إدارة المشفى حاولت جاهدة البحث عن حلول مناسبة لهذه الأزمة، التي كان من بينها ترتيب حملات إعلامية لاستقطاب المتبرعين مع مراعاة كافة إجراءات السلامة والوقاية.
وقال: "نظمنا حملات تبرع بالدم في الساحات المفتوحة والمساجد، لقد كانت حقا مرحلة صعبة، لكننا تجاوزناها بفعل التكاتف مع المجتمع المحلي، غير أننا نخشى تكرار هذه الأزمة بفعل التحذيرات القائمة من تفشي الطفرة الجديدة من الفيروس" .
وناشد رئيس قسم بنك الدم بمشفى شهداء الأقصى، المسؤولين وصناع القرار والمجتمع المدني ضرورة حث الناس على مواصلة التبرع بالدم وبخاصة لمرضى الكلى والأورام والنساء الحوامل، حتى بعد تجاوز أزمة كورونا، "فهذه فئات هشة تستحق منا الوقوف بجانبها" كما قال.