English

الفقر يهدد حياة مرضى الكلى في غزة


2022-08-08

إعداد: عبد الله وشاح

تستلقي (م.ر) مريضة الكلى وعلى وجهها علامات التعب والإرهاق بعدما قطعت مسافة أربعة كيلو مترات مشيا على الأقدام بملابس يملأها غبار الطريق، على سرير داخل إحدى غرف مستشفى شهداء الأقصى الواقع في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، إيذاناً ببدء جلسة غسيل الكلى.

قام أحد أفراد الطاقم الطبي العامل داخل قسم الكلى بالمشفى، بوصل المريضة (م.ر) بجهاز غسيل الكلى، عبر أنبوب بلاستيكي صغير، وبدأت عجلة الجهاز بالدوران، في عملية تستغرق 4 ساعات.

المريضة (م.ر) بحاجة ماسة إلى إجراء من 3-4 جلسات أسبوعياً، لكنها تتغيب أحياناً عن الجلسات بفعل عدم قدرتها على الوصول إلى المشفى، وذلك بسبب الفقر الشديد الذي تعانيه أسرتها.

ويقدم مشفى الأقصى، وهو المشفى الوحيد في المحافظة الوسطى، خدماته لنحو 150 مريضاً بالفشل الكلوي، وجميعهم بحاجة إلى "غسيل الكلى" مرتين على الأقل أسبوعياً. ويتوفر داخل قسم الكلى بالمشفى 18 سريراً، إلى جانب سرير واحد خاص بالعناية الفائقة، الأمر الذي يضطر الطاقم الطبي لتقسيم عمل القسم على ثلاث فترات خلال اليوم.

ويشكو المريض (إ.خ) أثناء استلقائه على أحد الأسرة داخل قسم غسيل الكلى، من عدم حصوله على الطعام الصحي المناسب لحالته المرضية، معرباً عن مخاوفه من التعرض لحدوث "فقر دم" نتيجة ذلك.

ويقول الرجل المسن الذي غطى الشيب رأسه، إنه بحاجة إلى إجراء ثلاث جلسات غسيل كلى أسبوعياً، لكنه أصبح مجبراً على الاكتفاء بمرة واحدة لحاجته الماسة إلى وسيلة نقل تعينه على الانتقال بكرسيه المتحرك من المنزل إلى المشفى.

الحالة ذاتها، تتكرر مع الفتاة (م.ع) التي دعت بصوت متقطع نتيجة الإجهاد والتعب الذي بدا عليها، كافة الجهات المحلية والدولية إلى النظر بعين الرأفة إلى مرضى الكلى الفقراء.

الفتاة (م.ع) ذات العشرين عاما، لا تكاد تصحو من نومها الطويل حتى يغالبها الإرهاق من جديد، في ظل حالة فقر الدم الشديد التي تعانيها نتيجة عدم مقدرتها على شراء الأدوية الضرورية لعلاج أمراض الكلى المزمنة والتي ضاعفت من أزمتها الصحية.

تقول والدتها الحزينة، إنه لم تتطابق فحوصات التوافق مع بين ابنتها وأفراد عائلتها للتبرع لها بإحدى كليتيه، مضفية: "لو كنا نملك المال الكافي لقمنا بزراعة كلية لها خارج غزة، تجنباً لكل هذا الإعياء الذي أصابها، وأرق الأسرة جميعها".

ويشير أطباء ومختصون محليون إلى زيادة أعداد المصابين بالفشل الكلوي في قطاع غزة، مرجعين ذلك إلى زيادة أعداد السكان والمصابين بأمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري والتهابات المسالك البولية وتكون الحصوات، مؤكدين أن هذه الحالات جميعها بحاجة إلى رعاية خاصة وإنفاق على الأدوية الضرورية والغذاء الصحي.

وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن ما نسبته 10% من الأشخاص في العالم مصابون بأمراض الكلى المزمنة، ويحتل هذا النوع من الأمراض، المرتبة الـ18 في قائمة الأمراض المسببة للوفاة، غير أنه يأتي في المرتبة التاسعة في الأراضي الفلسطينية.

وأكد مصدر طبي في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) أن مرضى الفشل الكلوي يلجأون إلى العيادات التابعة للوكالة من أجل الحصول على الأدوية البديلة، في ظل العجز عن شراء الأدوية الضرورية اللازمة والتي تتطلب شراءها من الصيدليات.

في الوقت نفسه، قال مسؤولون في وزارة الصحة بقطاع غزة، إن الوزارة تعاني من شح الأدوية الأساسية اللازمة لمرضى الفشل الكلوي، ونقص في المستهلكات الطبية، وأيضاً نقص في لوازم المختبرات الطبية التابعة لها.  

وأرجع المسؤولون هذا النقص بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، الذي يتحكم في تدفق الأدوية عبر المعابر وحظر شحن المعدات الطبية، الأمر الذي زاد من تردي الأوضاع الصحية.

وأفاد المسؤولون أن مرضى الكلى بحاجة إلى هرمونات معززة غير أنها ترد بكميات قليلة جداً إلى القطاع، الأمر الذي يجعل المرضى يخوضون معركة بين فقر الدم وغسيل الكلى.

وفي سبيل مواجهة فقر الدم، حاول الحاج (ع. س) شراء أدوية بمبالغ باهظة رغم تدني مستوى دخله، وتفاقم الأوضاع اضطر إلى بيع بعض أغراض المنزل من أجل اقتناء الدواء اللازم الذي يضطر لشرائه من مصر.

 


Developed by MONGID DESIGNS all rights reserved for Array © 2024