اعداد: أحمد زيود ونسرين إرميلي
على الرغم من كونها واحدة من أحدث التخصصات الطبية والتي ظهرت منذ حوالي مائة عام فقط، تطور نظام "جراحة الأعصاب" بسرعة ملحوظة على الصعيد العالمي، وشهد هذا النظام ابتكارات في طرق التشخيص وتقنيات الجراحة الكلية والجزئية وطرق العلاج، لكن – للأسف - فإن هذا التطور ليس موزعا بالتساوي بين البلدان المتقدمة النمو وبقية البلدان الأخرى والتي منها فلسطين.
فلسطين لا تزال تفتقر في مجال رعاية مرضى الأعصاب
علل الدكتور عرفات وهدان - الاستشاري في جراحة الأعصاب في مستشفى رفيديا بنابلس - بأن فلسطين لا تزال تفتقر إلى عدد كافٍ من القوى العاملة الطبية في مجال رعاية مرضى جراحة الأعصاب والمرافق الخاصة بهذه الجراحة من أسرة مرضى وأسرة وحدة عناية مركزة ومستشفيات ذات قدرة كافية على استيعاب خدمات جراحة الأعصاب، وأن هذه المرافق والمستشفيات تحتاج إلى كوادر مؤهلة وتدريبات مستمرة وإدارة حديثة تستهدف الطواقم الطبية والطواقم التمريضية العاملة في هذا المجال لمواكبة وتطور كل ماهو جديد في جراحة الأعصاب، وأشار د. وهدان الى أن النقص يشمل أيضا معدات وأجهزة متخصصة لجراحة الأعصاب مثل التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي.
طرق علاجية حديثة ومتطورة بجراحة الاعصاب
رغم شح هذه القدرات في مستشفيات وزارة الصحة، قامت وزارة الصحة برفد اطباء متخصصين في مجال جراحة الاعصاب استطاعوا إدخال طرق علاجية حديثة ومتطورة بجراحة الاعصاب إلى مستشفى رفيديا بنابلس- لم تكن موجودة سابقاً - مثل الجراحة التنظيرية الدقيقة (الميكروسكوبية) التي من خلالها يمكن إجراء عمليات دقيقة ومعقدة لم يتم إجراؤها سابقاً - خصوصا في جراحة الأورام - واستطاعت هذه التقنية اختصار الوقت والجهد المبذول على المريض داخل غرفة العمليات، وتقليل فترة مكوثه بالمشفى تصل إلى يوم واحد في بعض الأحيان مقارنة بأسابيع في السابق.
وأضاف د. وهدان "أنه أصبح بالإمكان إجراء العمليات المتخصصة بتثبيت كسور العمود الفقري واعتلالاته – وهي تُجرى بشكل شبه يومي- كالانزلاقات الغضروفية وأورام الفقرات، عن طريق زَرعات معدنية وغضاريف صناعية مخصصة لهذا الغرض، إلا أنها شحيحة في المستشفى نظراً لتكلفتها الباهظة، لكنها ليست بمقارنة مع تكلفة تحويل المريض للعلاج خارج المستشفى نظراً لعدم توافرها".
خطط تطويرية لأقسام جراحة الأعصاب حالت جائحة كورونا دون تنفيذها
تعقيباً على ما قاله الدكتور عرفات وهدان أضاف الدكتور نجي نزال – مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة – أنه تم اعتماد خطة تطويرية مؤخراً لأقسام جراحة الأعصاب حالت جائحة كورونا دون تنفيذها مبكراً ضمن الخطة الاستراتيجية لوزارة الصحة، وتشمل الخطة تجهيز غرف عمليات مخصصة لجراحة الأعصاب فقط ورفع القدرة الاستيعابية للمستشفيات بزيادة عدد الأسرّة المخصصة للمنامات وأسرة وحدات العناية المركزة المخصصة لنفس الغرض، ولعل الأهم ما تم الشروع به حالياً هو تلك الإجراءات الطبية التي تحتاج إلى زَرعات معدنية ومعدات خاصة بها لم تكن تتوفر بالسابق بمستشفيات وزارة الصحة - نظراً لعدم الخبرة بها - لكن وبعد التعاقد مع أخصائيين جراحة أعصاب على درجة عالية من الخبرة العلمية والعملية وبالتعاون مع دائرة شراء الخدمة في وزارة الصحة، استطاعت وزارة الصحة توفير هذه الزرعات لمستشفى رفيديا بنابلس والمجمع الطبي برام الله - رغم تكلفتها المالية العالية – والتي تبقى أفضل من التحويل للعلاج بالخارج - وهذا بدوره انعكس إيجابيا على توطين خدمات علاجية داخل وزارة الصحة لم تكن موجودة بالسابق، ناهيك عن تخفيف العبئ المالي على ميزانية وزارة الصحة.
واشار د. نزال "ان الحاجة إلى تحويل حالات علاجية خارج مستشفيات وزارة الصحة باتت بنسبة ضئيلة جداً وإن تم ذلك فإنه يجري تحويلها وفق نظام تسلسلي دقيق إلى مستشفيات داخل الضفة الغربية".
تحويلات بملايين الشواقل سنويا
يقول فراس فقها المدير المالي في دائرة شراء الخدمة الطبية (التحويلات الخارجية) أن هناك نقلة نوعية بتحويل حالات الأعصاب الجراحية خارج إطار مستشفيات وزارة الصحة، إذ أنه بمقارنة العام الحالي مع الأعوام السابقة – ما قبل جائحة كورونا– نجد أن هناك تقلّص ملحوظ بنسبة كبيرة جدا في تحويل هذه الحالات ويعزو فقها هذا التقلّص نتيجة لرفد الوزارة بأطباء أخصائيين في جراحة الأعصاب وهؤلاء أحدثوا تغييراً جذرياً في جراحة الأعصاب عن طريق إدخال مفاهيم جراحية وإجراءات طبية جديدة إضافية على المفاهيم التقليدية والإجراءات الموجودة سابقاً ومثل ذلك "عمليات تثبيت كسور العمود الفقري بنظام براغي وقضبان بلاتينية طبية ويضاف إليها الغضاريف الصناعية أحياناً والنظام القَفَصيّ لتثبيت الفقرات العُنُقية، هذا غير الإجراءات الطبية المتعلقة بجراحة الأورام". ويضيف فقها أن مثل هذه الإجراءات الطبية كان يتطلب علاجها سابقاً بتحويلها إلى خارج نطاق وزارة الصحة الفلسطينية، وبغالبية عظمى إلى مستشفيات اسرائيلية وهذا بدوره كان يستهلك ملايين الشواقل سنويا من الموازنة المالية لوزارة الصحة.