يعتبر القطاع الصحي في فلسطين جيداً مقارنة بغيره من القطاعات الصحية في الدول المجاورة، حيث تقوم عدة جهات على تقديم الخدمات الصحية في الأراضي الفلسطينية، وهي وزارة الصحة، والخدمات الطبية العسكرية، والجمعيات الأهلية، و(الأونروا)، بالإضافة للقطاع الخاص.
ومن منطلق مسؤولية وزارة الصحة تجاه القطاع الخاص، فإنه كان لا بد من ضبط ومراقبة عمل هذه المراكز والمستشفيات الخاصة من خلال قوانين مدرجة في قانون الصحة العامة الفلسطيني لعام 2004، ومن ضمن هذه القوانين المعمول بها لتنظيم وضبط عمل المراكز الخاصة المادة "54" حول التقيد بمزاولة الأعمال المرخصة التي تنص على أنه "يحظر على المؤسسة الصحية غير الحكومية مزاولة أي أعمال غير تلك التي رخص لها بها من الوزارة".
الحصول على التراخيص اللازمة
حسب القانون، لا يمكن لأي مؤسسة صحية غير حكومية ممارسة أنشطتها الطبية دون الحصول على التراخيص اللازمة لذلك، لكن الأسئلة التي تتبادر إلى أذهاننا جميعا وتشكل مدعاة للقلق لدى عموم المواطنين هي عن دور وزارة الصحة في مراقبة هذه المراكز، وعن الشروط اللازمة للحصول على التراخيص، وحقيقة ادعاءات بعض المراكز بأن إجراءات الترخيص مشددة ومعقدة، وما إذا كانت هناك عقوبات رادعة لمن يمارس أنشطة طبية بدون ترخيص.
وللإجابة عن هذه الأسئلة، تحدث رئيس وحدة الإجازة والتراخيص في وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور عبد الله الأحمد، عن دور الوزارة في مراقبة وضبط عمل القطاع الصحي الخاص من مراكز أو مستشفيات، وأكد أن الوزارة تقوم بالكشف الهندسي والبيئي والتقني لهذه المراكز والتأكد من مطابقتها للمواصفات والمقاييس المعمول بها. وأضاف أنه تتم بعدها زيارات دورية تقوم بها مديريات الصحة في كل محافظة لكافة المراكز الطبية المرخصة وغير المرخصة بهدف التأكد من تقديم خدمة طبية آمنة لجميع المواطنين.
وتابع الأحمد أن الادعاءات حول صعوبة الحصول على التراخيص هي ادعاءات كاذبة، حيث إن شروط الترخيص واضحة وغير معقدة. وأكد الأحمد أنه توجد عقوبات رادعة لكل من يمارس مهنة طبية بدون تراخيص قد تصل للسجن بتهمة انتحال شخصية. ويحث الأحمد كافة المواطنين لضمان صحتهم على أن يتوجهوا للمراكز الطبية المرخصة، حيث إنه من حق أي مواطن عند زيارة أي منشأة صحية طلب الترخيص، وعند اعتراض المركز، يستطيع مراجعة وزارة الصحة وتقديم شكوى للوزارة بهذا الخصوص.
إرشادات للتمييز بين المركز المرخص من غير المرخص
ولمعرفة وجهة نظر المراكز الصحية الخاصة في دور وزارة الصحة في ضبط ومراقبة عملها، تحدث المدير التنفيذي لمركز سنا الطبي في منطقة العيزرية أحمد جفال عن الصعوبات التي واجهها المركز للحصول على التراخيص اللازمة، وقال إن المركز تعرض لبعض الصعوبات أثناء تقديمه لطلب الحصول على التراخيص اللازمة وذلك بسبب توقف العمل في الوزارة عدة مرات بسبب جائحة كورونا، وهذا أدى لعدم تمكن قسم الكشف الهندسي من الحضور للمركز إلا بعد سنتين من تقديم طلب الترخيص.
وعند سؤاله عن مراقبة المركز بشكل دوري من قبل جهات مختصة في وزارة الصحة، أوضح جفال أنه تتم مراقبة المركز بشكل دوري من قبل وزارة الصحة من خلال زيارات مرتبة أو زيارات مفاجئة بمعدل مرتين في السنة تقريباً. وأكد أنه لا بد من وجود طريقة لإرشاد عموم المواطنين للتمييز بين المراكز الطبية المرخصة من غير المرخصة، من خلال عمل نشرة دورية لوزارة الصحة تشمل أسماء المراكز الطبية المرخصة وتعميهما على الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف أنه يمكن توزيع ملصقات من قبل وزارة الصحة على المراكز المرخصة توضع على أبواب المراكز بالإضافة إلى شعار تتم طباعته على الأوراق الرسمية الصادرة عن المركز، يوضع مقابل شعار المركز.
ضحية تتحدث
أثناء إعدادنا لهذا التقرير، التقينا المواطنة سوسن التي أرادت مشاركة تجربتها القاسية معنا لأخذ العبرة، وأوضحت أنها توجهت لمركز للعلاج الطبيعي أو المساج على حد تعبيرها، لأنها كانت تعاني من آلام في ظهرها، فنصحتها صاحبة المركز أن تقوم بعمل حجامة بالفحم لمساعدتها على الاسترخاء. وتابعت سوسن: "وافقت ظنا مني أن هذا المركز مختص بهذه الأمور. وأثناء خضوعي للحجامة، شعرت بآلام شديدة لدرجة الإغماء"، لتستيقظ بعدها وتجد نفسها مبللة بالماء، وبعدها تم أخذها لمركز الطوارئ في المنطقة ليتبين بعدها أنها تعرضت لحروق من الدرجة الثانية في معظم أجزاء ظهرها. وتابعت: "الله لا يباركلهم، انحرق معظم ظهري وهيني صرلي فترة بتعالج والحمد لله أحسن". وعند سؤالها إذا قامت بتبليغ الجهات المختصة بذلك الأمر، علقت بقولها أنها لم تعرف الطريقة لتقديم شكوى أو أين ستقدم هذه الشكوى.