نظم مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت ورشة بعنوان "تجويد ودمج المنظور الجندري في محتوى الإعلام الرقمي"، بدعم من الحكومة الكندية، وبحضور وزيرة شؤون المرأة وعدد المؤسسات النسوية والحقوقية والباحثين والمهتمين.
وقالت وزيرة شؤون المرأة د. آمال حمد، في الورشة التي عقدت في مقر المركز بجامعة بيرزيت وعبر تقنية "زووم"، وتستمر ثلاثة إيام، إن "الأصل أن يكون تأثير النساء في الإعلام كبير نظرًا لحضورهن، وإنه من المهم امتلاك القدرة على استخدام الأدوات والتقنيات المناسبة لمواجهة الحملات الرقمية التي تتعرض لها المرأة.
واستعرضت حمد دراسة أعدتها الوزارة حول حضور المرأة على منصات التواصل الاجتماعي، كميًّا ونوعيًّا، لمعرفة واقع قضايا المرأة في الفكر المجتمعي الفلسطيني، وكيفية النظر إلى حقوقهن في الإعلام.
وأكدت رئيسة التعاون في الممثلية الكندية في رام الله كاترين بالمير على دعم كندا لحقوق المرأة وتمكينها عبر دعم العديد من المشاريع التي تعنى بتغطية عادلة لقضاياها في الإعلام، وصولاً إلى حقوق كاملة للمرأة في الواقع، حيث تقدم كندا في الضفة وغزة دعمًا للمشاريع الحساسة للنوع الاجتماعي والمتخصصة في الإعلام.
من جهته، قال مدير مركز تطوير الإعلام عماد الأصفر في الورشة التي تولى إدارة اليوم الأول منها إن مركز تطوير الإعلام مشغول في كل أنشطته بتعزيز الوعي الجندري، سواء عبر وحدة النوع الاجتماعي في المركز، أو عبر الأنشطة والدورات التي ينفذها، أو عبر الإصدارات المتخصصة، وكان منها مساق جامعي حول النوع الاجتماعي يدرس لطلبة الإعلام في عدة جامعات محلية.
وقدم أستاذ الإعلام في الجامعة العربية الأمريكية سعيد أبو معلا، ورقة بعنوان "إشكالية حضور المرأة الفلسطينية والعربية في الإعلام الرقمي، فيما كانت ورقة مديرة التدريب في مركز كوثر- تونس إعتدال مجبري، بعنوان "تمثيلات حضور النساء في مواقع التواصل الاجتماعي- تجربة تونس"، وسلطت رئيسة تحرير موقع "شريكة ولكن Fe-Mal"- لبنان حياة مرشاد، الضوء على "دور الإعلام الرقمي في إشاعة خطاب الكراهية- تجربة لبنان"، ومن المرصد الفلسطيني للتحقق والتربية الإعلامية "كاشف"، تحدثت ريهام أبو عيطة حول "آليات التعامل مع الأخبار المضللة في قضايا النساء"، ومن مركز "إعلام" في الناصرة، قدمت ميسون زعبي مداخلة بعنوان "كيف ساهم الإعلام الرقمي في طرح إشكاليات النساء، وهل كان سلاحًا ذا حدين".
وفي اليوم الثاني، الذي أدارته الإعلامية ناهد أبو طعيمة، قدم المحرر في موقع القدس غازي بني عودة والباحث في قضايا النوع الاجتماعي مداخلة بعنوان "إشكاليات وأدوات المحتوى في المواقع الإخبارية"، وقدمت عضو الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ريما نزال مداخلة بعنوان "ما هي سبل تجويد المحتوى الإعلامي من منظور نسوي"، ومن إذاعة شباب أف أم، تحدث غياث جازي عن "أبرز التحديات في التغطية الإعلامية الخاصة بالمؤسسات الإعلامية الخاصة بالمؤسسات الإعلامية وبالعاملين"، وعقبت على المداخلات ميرة جمعية المرأة العاملة أمل خريشة.
وفي اليوم الثالث، الذي تولت إدارته أستاذة الإعلام في جامعة بيرزيت هديل وهدان، تحدثت مديرة وحدة النوع الاجتماعي في جريدة الحياة الجديدة عبير البرغوثي حول "التدابير الفضلى في تعاطي الإعلام مع قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، خاصة في الإعلام الرقمي"، وعقبت على المداخلة الناشطة الحقوقية والنسوية لبنى الأشقر، فيما استعرضت رئيسة وحدة النوع الاجتماعي في النقابات العمالية عائشة حموضة تجارب عملية من واقع المرأة في سوق العمل، وتولت التعقيب مديرة التأثير والاتصال في وزارة شؤون المرأة إلهام سامي.
وفي ختام الورشة، قدم أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت خالد سليم إجمالاً بالتوصيات التي خرج بها المتحدثون والمشاركون وجاهيًّا وعبر "زووم"، وكان أهمها إعادة فحص أسلوب الخطاب الرقمي للمنصات الإعلامية كميًّا ونوعيًّا، والحد من الكتابة التقريرية، لحساب توظيف تقنيات السرد الرقمي الذي يصنع محتوى ذكيًّا، وتطوير إستراتيجية لتتبع مزاج الفضاء الرقمي إزاء قضايا المرأة، لتعديل السياسات الإعلامية في التعامل مع قضايا المرأة، والبدء بتعزيز الخطاب الإعلامي المتحسس لقضايا المرأة في وسائل الإعلام في المدرسة والجامعة بداية، وأهمية صناعة محتوى قادر على النهوض بواقع حضور المرأة، في مواجهة حملات مضادة، ودعوة المؤسسات النسوية والحقوقية وحتى الإعلامية للتحرك قبل "الخبر" وليس فقط بعده، والحاجة لتغطية بعيدة عن الأخبار، وسابقة لها، وأهمية استخدام التقنيات التي تساعد على تقديم المحتوى، باعتبار أن الفكرة اليوم تتجاوز المحتوى المجرد، والحاجة إلى إعلام متابِع في الإعلام الرقمي، والتأكيد على تعزيز ثقافة "الداتا"، فالأرقام والإحصائيات كفيلة بإثارة الانتباه أكثر من الشعارات، وضرورة مراجعة القوانين والتشريعات بما ينتصر لقضايا المرأة، وأهمية إيجاد مسرد في قضايا المرأة، وأهمية أخذ خطاب الكراهية ضد المرأة على محمل الجدّ، وأنه لا مجال لفكرة "الرأي الآخر" في الجرائم ضد النساء، لأن هذا "الرأي" يعزز الأصوات من سطوة الصوت النمطي المنحاز ضد المرأة، ودعوة المراصد لتعزيز وتكثيف التفاتها إلى المحتوى غير الحساس لقضايا النوع الاجتماعي، وأهمية تأهيل صحفيين مختصين بقضايا النوع الاجتماعي، كالمختصين بالرياضة والاقتصاد، وخلق وعي جماعي للتعامل مع القضايا الآنية وما بعدها، في كل القضايا، لا سيما قضايا المرأة، والترويج للصفحات الوازنة المنتصرة لقضايا المرأة، والدعوة لخطة طريق إصلاحية تستوعب ما ورد في مدونة السلوك الحساسة للنوع الاجتماعي التي أصدرها مركز تطوير الإعلام، في الطريق إلى تحويلها إلى قانون ملزم، تخرج عن كونها استرشادية وحسب، وتحويل مدونات السلوك إلى ممارسات عملية فضلى، بعيدًا عن الكلام العمومي، لتكون صالحة للمساءلة بناء عليها، والتوثيق والرصد لأي انتهاكات ضد الخطاب المتعاطي مع قضايا المرأة بانتهاك واضح، لا سيما على صعيد المؤسسات الإعلامية الكبيرة، بما يشكل رقابة تحدّ من هذه الانتهاكات، بل ووقفها. والإشادة بأي جهد حقيقي وواعٍ، وإدخال معطيات جديدة ووسائل تعاطٍ جديدة مع قضايا المرأة، بعد الحد من الانتهاكات المذكورة، إفراد مساحة أكبر لتغطية قضايا المرأة في وسائل الإعلام عبر إعلاميين متخصصين بهذه القضايا، وتعزيز التفات "السياسة التحريرية" للمؤسسات الإعلامية لقضايا المرأة، بما يشكل ضمانة للعاملين في هذا الحقل المليء بالألغام والحساسية، والتحقق من المعلومات قبل نشرها، كي لا تصدر معلومات مضللة في هذه القضايا، بما يؤثر على مصداقية طرحها وطارحيها، وتعزيز ثقافة التبليغ عن العنف والاعتداء، لدى الضحايا، وهذا أحد الأدوار المركزية للإعلام، لا في النشر وحسب، بل وبالتشجيع عليه.