يحيى اليعقوبي*
عقارب الساعة تشير إلى الثانية فجراً؛ الشوارع شبه خالية من المارة والسيارات.. الليل يُلقي بستاره الأسود على مدينة غزة، كانت الطرقات شبه ساكنة من أي حركة، قبل أن يصدر صوت محرك الدراجة النارية التي كان يجلس المواطن أشرف الغلاييني خلف سائقها عائداً برفقته من زيارة عائلية في محافظة خان يونس، وما إن وصل السائق الإشارة الضوئية لمفترق الغفري في شارع الجلاء، حتى طوى سائق الدراجة الطريق أمام عجلات دراجته وكأنه يخوض سباقاً، بأقصى سرعة، إلى أن انزلقت الدراجة ولم يجد الغلاييني نفسه إلا على سرير المشفى بعدما سقط على بعد عدة أمتار من الدراجة.
قبل الدخول إلى المشفى، تعهد السائق للغلاييني بأن يتكفل في علاجه إلى أن يتماثل للشفاء واضعاً يده على صدره: "إيش بدك علاج أنا مستعد"، طالباً منه أن يسجل طبيعة الإصابة بالمشفى حالة "سقوط من علو" وليس حادث طرق كما هو معروف قانونياً، فيما لم يطلب المصاب إلا أن تعود قدمه المكسورة سليمة كما كانت.
نكشف في هذا التحقيق الاستقصائي عن تلاعب سائقين بحقوق مصابين بعد أن تسببوا بحوادث طرق في قطاع غزة نتجت عنها حالات وفاة وإصابات سُجلت في المستشفيات على أنها "سقوط من علو"، حتى أنها لم تدخل دائرة الإحصاءات المعلنة لدى شرطة المرور، ولم تسجل حوادث طرق.
يوثق هذا التحقيق كيف وقع العديد من المصابين ضحية لاستغلال السائقين بتعهدات خارج إطار القانون في الغالب لم يلتزموا بها، فاضطروا لرفع دعوى قضائية لتحويل القضية إلى حادث طرق، وهذه تمر بإجراءات كثيرة ومعقدة قد تستغرق عدة أشهر.
من خلال هذه الطريقة أو الاتفاق غير القانوني، تضيع حقوق المصابين، ويتهرب السائقون من أية إجراءات قانونية كفتح بوليصة تأمين لتعويض المتضرر والتكفل في علاجه، وللإفلات كذلك من إجراءات شرطة المرور، وفي أغلب الأحيان، يتنصل السائقون المتسببون بالحوادث من بعض تعهداتهم أو كلها.
تُظهر المعلومات التي حصل عليها معد التحقيق خلال عملية البحث والتقصي من بعض المصابين الذين وافقوا على تسجيل حادث الطرق إلى "سقوط"، بحدوث اتفاق ودي مع السائق المتسبب بالحادث، تعهد خلاله بالتكفل بتكاليف العلاج، مقابل عدم فتح ملف لدى شرطة المرور، وتسجيلها سقوطاً من علو في المستشفيات.
في حين تظهر الإحصاءات التي حصلنا عليها من شرطة المرور حول الحوادث المحولة من إصابات عادية أو سقوط من علو إلى حوادث طرق، أنه في العام 2018، سجلت الشرطة 19 ملفاً لطلب تحويل القضية لحادث طرق بعدما كانت مسجلة سقوط من علو، وفي عام 2019 حتى لحظة إعداد التحقيق، سجلت الشرطة 14 ملفاً لطلب تحويل حالات السقوط إلى وضعها الطبيعي حوادث طرق، بالإضافة إلى 8 حالات وفاة سجلت على أنها سقوط من علو لم تدخل الإحصاءات الرسمية لشرطة المرور لعدد الوفيات نتيجة حوادث الطرق خلال عام 2019، البالغة حتى اللحظة 52 حالة وفاة.
بالعودة لحادثة الغلاييني، بعد أشهر من الحادث الذي وقع في شهر رمضان المبارك، يسير بخطوات متثاقلة في قسم تفتيش حوادث الطرق بشرطة المرور، يتكئ على عكازة تجر قدمه الأخرى، بنسق غير متساوٍ وبدا ظاهراً على مشيته أن هناك قدماً أطول من الأخرى.
الأمور ليست سهلة!
يحاول الغلاييني في هذه الزيارة معرفة إلى أين وصلت الأمور بملفه بعدما قدم طلباً في شرطة المرور لتحويل الحادث من سقوط من علو إلى حادث طرق، وهنا ليست الأمور سهلة، فالأمر يحتاج إلى شهود ومعاينة مكان الحادث من أفراد الشرطة، وتحويل القضية للنيابة لاستكمال الإجراءات إلى أن يتم تحويل الحادث إلى طرق.
يقول الغلاييني نادماً: "لقد تعهد السائق بأن يتكفل كل شيء، حينها أحضر لجان الإصلاح كي أوافق على طلبه فوافقت، بعدما تسبب الحادث بتهتك وكسور في عظام ساقي، لكن بعد خروجي من المشفى بفترة، تهرب من الاتفاق الشفهي".
يكشف الغلاييني عن ساقه مشيراً بيده إلى آثار الكسور قائلاً: "الآن أحتاج إلى عملية جراحية تبلغ تكلفتها 4600 شيقل وحذاء طبي، ونقص في العظام خمسة سنتيمرات في منطقة الفخد، لذا، تقدمت بدعوى قضائية لتحويله لحادث لطرق، وقامت الشرطة باستدعاء شهود وكذلك السائق الذي لم ينكر الحادث كي تعود إلي حقوقي".
اتفاق مخادع
فتح شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 أولى صفحاته، مضى اليوم عادياً على الشاب أسامة أبو الهدى (22 عاماً) الذي ذهب إلى صالة بناء الأجسام، ثم غادر عند الحادية عشرة ليلاً الصالة الواقعة على شاطئ بحر غزة بالقرب من استراحة "إسطنبول"، على دراجته النارية متوجهاً إلى بيته في حي "تل الهوا"، في لحظة تغير معها المشهد السابق وتبدل هدوء الصباح إلى مساء مأساوي بعد أن صدمته مركبة من الخلف أثناء قيادته الدراجة النارية.
يعود بحديثه للحظة الحادث: "تعرضت لكسور باليدين والمفاصل؛ لكن في بداية الإصابة، لم أشعر بكل هذه المضاعفات، فطلب السائق من أخي عدم تسجيلها "حادث طرق" وتسجيلها "سقوطاً من علو"، متعهداً بالتكفل بكل شيء من علاج، حتى أن السائق لم يطمئن على حالتي، ومنذ إصابتي لم أره".
غادر السائق المشفى، وترك أسامة ممدداً على السرير، حتى أظهر التشخيص الطبي أن الأمور ليست بسيطة، مضيفاً: "مكثت في المشفى ستة أيام، ووضع لي الأطباء "بلاتين" في يديّ الاثنتين لمدة خمسة أشهر، وفي قدمي كذلك لمدة أحد عشر شهراً، قمت بفكه قبل شهر ولفها بـ "الجبيرة" لمدة شهرين، بلغت تكلفة العلاج ألف دولار كانت على نفقتي الخاصة ولم يدفع السائق أي شيء بعدما تهرب".
"إلي سنة مرمي لا اشتغلت ولا بقدر ألعب حديد".. بهذا يعبر أبو الهدى عن ندمه بذلك الاتفاق، ناصحاً غيره ممن يتعرض لإصابات مشابهة: "الأفضل أن يترك الأمور لشرطة المرور كي تتعامل مع الحادث، ويحصل كل شخص على حقه، ففي حالتي لو سجلتها حادث طرق كانت عادت لي حقوقي، لكنني الآن أجري وراء السائق الذي لم أره.. ندمت على تسجيلها "سقوطاً". لم أكن أعلم أنه سيتم إجراء عمليات وسأضع البلاتين.
اضطر قبل أربعة أشهر إلى أن يذهب ويقدم إفادته لدى شرطة المرور طالبا تحويل الحادث من سقوط إلى حادث طرق، وإلى الآن لم يستجب السائق لاستدعاء شرطة المرور، كما يقول أبو الهدى، لأخذ أقواله، وما زال ينتظر الإجراءات القانونية لتحويل القضية للنيابة والموافقة على تسجيلها حادث طرق.
كان بإمكان أبو الهدى وغيره ألا يصلوا لهذه المعاناة في بذل الكثير من الإجراءات لتسجيل القضية حادث طرق، الأمر الذي كان بإمكانهم فعله خلال دقيقة واحدة لحظة تسجيل دخولهم للمشفى.
في غرفة "العناية"
كان محمود سعد الله (37 عاماً) يبيع الخضار على عربته بالقرب من شارع النصر بمدينة غزة في 4 تموز (يوليو) 2019، قبل أن تدهسه سيارة من جانبه الأيسر كان يقودها السائق بسرعة، نتج عنه نزيف بالطحال ومكث على إثرها في قسم العناية المكثفة ستة أيام، وكان قريباً من الموت نتيجة خطورة حالته.
ورغم أن السائق الذي تسبب بالحادث لديه أوراق تأمين سليمة، إلا أنه طلب من عائلة سعد الله عدم تسجيله "حادث طرق".
يقول موسى شقيق المصاب: "جاء أهل السائق يطلبون تكفل أخي ودياً، وقاموا بتسجيل الحادث كما يريدون (سقوط)، طلبنا أن يفتحوا تأميناً لكنهم قالوا إن ابنهم السائق طالب جامعة ولا يريدون أن يتم سجنه".
لكن مع مرور الأيام وعدم تحسن حالة المصاب وخطورة وضعه، جلس أهل السائق مع مختار عائلة سعد الله بحضور أفراد العائلة، طالباً تسجيل القضية حادث طرق، وقال: "أمام طلبنا فتحوا بوليصة تأمين، وبعد 20 يوماً من الحادث، قامت شرطة المرور بأخذ إفادتنا وعاينوا المكان وتمت إجراءات تسجيل القضية حادث طرق".
صراع في غياب "المرور"
الجمعة 1 شباط (فبراير) 2019، الساعة السابعة مساءً؛ يقف باسل الهور (40 عاما) عند مفترق الشجاعية بمدينة غزة، يؤشر للسيارات المتجهة نحو الجنوب، يريد أن يذهب في زيارة عائلية لمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حتى توقفت إحدى المركبات وكانت تجلس سيدتان من جهة اليمين فطلب السائق منه أن يذهب ويركب للسيارة من الباب الأيسر.
في اللحظة التي فتح الهور الباب قليلاً، وقبل أن يدخل السيارة، صدمت شاحنة نصف نقل يده بقوة، وما زال الحدث المأساوي يفترش ذاكرته: "وقع الحادث بلمح البصر، التصقت يدي بالباب، سقطت على الأرض وأغمي علي (..) تركني السائقان وانشغلا بالشجار لنصف ساعة ولم تكن هناك شرطة مرور في المكان".
"نُقلت للمشفى وكانت يدي أقرب للبتر ومكثت فيها ثلاثة أيام"، كم يقول.
في صبيحة اليوم التالي، استيقظ الهور من نومه ووجد عائلته عقدت صلحاً مع السائقين واتفاقاً ودياً بأن يدفع كل منهما 700 دولار كتكاليف علاج، وتعهدا بدفع أية تكاليف حتى الشفاء التام، وسجلت الحادث على أنها "سقوط من علو"، ويقول الهور: "الأمور لم تكن بسيطة، فقد وضعت جهاز تثبيت العظام (بلاتين) بيدي لمدة أربعة أشهر، وإلى الآن، لم يلتئم الكسر، واحتجت لعلاجات وعمليات أخرى، فتنصل السائقان من ذلك".
وبعد إجراءات استمرت لمدة أربعة أشهر، استطاع الهور تحويل قضيته إلى حادث طرق، مضيفاً: "احتاج الأمر لإجراءات كثيرة لدى وزارة الصحة وشرطة المرور والقضاء والنيابة العامة، حتى جرى تحويل القضية لحادث طرق، والآن، سأرفع دعوى قضائية على السائقين كي أحصل على حقوقي في العلاج".
سهولة تشخيص
هاني بسيسو طبيب عظام بمستشفى الشفاء، يقول: "نحن كأطباء نقوم بتسجيل ما يقوله المصاب، سواء حادث طرق أو سقوط، الكثير من الحالات يقومون بتسجيل حادث الطرق على أنه سقوط، ولما يحدث خلاف بين الطرفين، يأتي أهل المصاب لأخذ تقرير طبي، وهنا، يحتاج الأمر لحلف يمين وورقة نيابة وإجراءات معقدة".
وأضاف بسيسو: إن "إصابات العمل أو حوادث الطرق لا يغطيها التأمين الصحي، كخطوة أولى، يجب على المصاب دفع تذكرة استقبال وهذه لها إجراءات مالية بأن يدفع مبدئياً 150 شيقلاً، لذلك، يقومون بتسجيلها سقوطاً من علو حتى تدخل الجراحة مباشرة".
وتابع بسيسو: "كأطباء، نستطيع تحديد الإصابة إذا كانت سقوطاً أو حادث طرق، لكننا نكتب في التقرير ما يقوله المصاب، لكني أقوم بوضع ملاحظة جانبية إذا كانت حادث طرق وقام المصاب بتقديم إفادة غير صحيحة مدعياً أنها "سقوط"، وتكون هذه الملاحظة باللغة الإنجليزية، حتى لو عاد بعد سنة أتذكر قضيته"، لافتاً إلى أن الأمور بحاجة إلى حملة توعوية للجمهور بأهمية تسجيل الحالات بشكل سليم.
حالات لا حصر لها
العقيد فهد حرب مفتش تحقيقات حوادث المرور في المحافظات الجنوبية يقول إن عدد الحالات التي تسجل على أنها سقوط من علو ليس محصوراً، وتتم بشكل يومي، ويقوم المصاب بتسجيل حادث الطرق على أنه "سقوط من علو"، وقد يكون المتسبب بالحادث من العائلة نفسها، أو يحدث اتفاق ودي بين الطرفين.
وأضاف حرب: "السائق يطلب تسجيل الحادث كسقوط، تهرباً من ملاحقة الشرطة للسائق وحجز مركبته، وكذلك من الاستحقاقات المالية لوزارة الصحة وتهرباً من الالتزام المالي".
يؤكد أن الأمر بحاجة إلى حل من الجهات الرسمية، مبيناً أن الخلل موجود بإجراءات وزارة الصحة، وأن المفترض أن يقوم كاتب الاستقبال بمراجعة شرطة المرور قبل المباشرة بإجراءات تسجيل المصاب، لمعرفة إن كان الحادث سقوطاً أم حادثاً، وهذا نتيجة غياب التنسيق بين الصحة ووزارة الداخلية.
وأشار حرب إلى أنه عندما يحدث خلل بالاتفاق الودي الذي يبرم بين الطرفين (السائق والمصاب)، فإن الأخير يقوم بمراجعة شرطة المرور لتحويل القضية لحادث مروري، وهذه تمر بالعديد من الإجراءات بالاستماع لإفادة السائق والمصاب والشهود ومعاينة المكان، ومن ثم تحويل الأمر للنيابة.
إجراءات طويلة
رئيس قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء د. أيمن السحباني قال إن" أهم ما يقع على عاتق الطواقم الطبية في اللحظات الأولى لاستقبال المصابين إنقاذ الحياة، لكن إذا كان المصاب قادماً بسيارة إسعاف، فإن البينات نتحصل عليها من المسعفين الذين بدورهم يعطونها للكاتب، ويقوم بإدخال البيانات وعمل تذكرة دخول، وإذا كان المصاب قادماً وحده أو برفقة أفراد عاديين، فإننا نقوم بأخذ الأوراق والبيانات الخاصة به لقطع تذكرة دخول".
وأضاف السحباني: "كطواقم طبية، لا نتدخل بتحديد طبيعة الإصابة، لكننا نقوم بتوعية المصاب أنه إذا سجلت التذكرة أنها "سقوط من علو" وكان حادث طرق، فإن تغييرها يحتاج إلى إجراءات بتحويله على المستشار القانوني لوزارة الصحة، ومن ثم للنيابة العامة وشرطة المرور ونشرح له أبعاد الموضوع"، مبيناً أن تحويل تذكرة الدخول "لحادث طرق" بعد تسجيلها "سقوطاً" ليس سهلا ويحتاج لإجراءات قانونية طويلة.
ويوضح السحباني، أن تسجيل الحالة على أنها حادث طرق يترتب عليه إجراءات مالية ومصاريف لا يغطيها التأمين الصحي، فتبلغ تكلفة التذكرة 150 شيقلاً، وإذا احتاج المريض صورة "ct"، فيدفع كذلك مبيت كل ليلة وتكاليف العمليات الجراحية، أما "السقوط من علو"، فيغطيها التأمين الصحي.
ولفت إلى أنه في حادث الطرق، فإن المصاب يستطيع المطالبة بحقه، وطلب تعويض من شركات التأمين إذا كان السائق لديه أوراق تأمين، مشيراً إلى أن بعض الناس يتفقون بعرف العادة، على دفع تكاليف العلاج، وفي الغالب يتهرب السائقون من التعهدات.
ورد السحباني على حرب قائلاً: "إن لدى وزارة الصحة مكاتب لشرطة المرور، يقومون بمتابعة الحالات، لكنهم لا يتواجدون على مدار 24 ساعة".
حقوق ضائعة
وأوضح حرب أن هناك مكتباً لشرطة المرور داخل المستشفيات، لكنه يتابع فقط القضايا التي سجلت على أنها حادث طرق، مبيناً أن تسجيل الحالة على أنها "سقوط من علو" له دلالات للتهرب من إجراءات الشرطة، بالتالي، لا يستفيد ذوو المصاب من التعويض.
واستدرك أنه لو كانت المركبة مؤمنة، وحتى لو كان السائق المتسبب بالوفاة هو الأب، فإن الطفل وأهله يحصلون على تعويض، ويحصلون على تعويض في حالة وجود "صندوق فلسطيني لتعويض ضحايا الحوادث"، مشيراً إلى أن وثائق التأمين والصندوق غير مفعلة في غزة.
وهذا يؤدي، وفق حرب، لضياع حقوق المصابين والوفيات، فمثلاً، في حال وجود تأمين، سيحصل الضحية على 6 آلاف دينار في حالة الوفاة، ومبالغ مالية أكبر من الوفاة في حالة الإصابة إذا تسبب الحادث بعاهة.
وحول تعديل التقرير الطبي، بين حرب أنه يحق للمصاب الذي سجل "سقوطاً من علو" تعديل التقرير الطبي إلى حادث طرق، لكن عبر إجراءات طويلة، تبدأ بتقديم طلب للنيابة العامة التي بدورها تحيل الملف لقسم تفتيش حوادث الطرق بشرطة المرور.
وقال: "مهمتنا التحقيق بالقضية وإثبات إذا ما كان ادعاء المصاب صحيحاً، عبر جمع الأدلة واستدعاء السائق وتوجيه الاتهام له، ومن ثم نقدم كتاباً بالقضية للنيابة وللمستشار القانوني بتعديل التقرير الطبي لحادث طرق، وبعد ذلك، يتم اتخاذ باقي الإجراءات من تأمين صحي وترحيل الملف للنيابة كي يحصل المصاب على تعويضات".
ووصف حرب التعهدات التي تتم بين المصابين والسائقين بأنها غير قانونية، وتحايل على القانون أو تضليل الشرطة إذا كان المصاب فاقداً للوعي أو طفلاً وقام السائق باستغلاله، ويتم توجيه تهم له بتضليل الشرطة وإيقاع عقوبة عليه وتحويل القضية للنيابة.
يتبين من التحقيق أن هناك نقصاً في التنسيق بين وزارة الصحة وشرطة المرور، صحيح أن هناك مكتباً لشرطة المرور داخل المستشفيات، لكنه فقط يتابع القضية بعد تسجيلها كحادث طرق، وليس قبلها لتحديد طبيعة الإصابة، وأنه يجب أن يكون تدخل لجان الإصلاح محدداً ومشروطاً بشكل لا يؤدي لضياع حقوق المصابين أو الضغط عليهم لإقامة الصلح في اليوم الأول لوقع الحادث قبل التأكد من حالة المصاب وإن كانت هناك عاهة أم لا، وأن السائقين يتهربون من تسجيل القضايا على أنها حادث طرق بسبب الإجراءات المالية المكلفة في استقبال الحالات بالمستشفيات.
* أعد هذا التحقيق الاستقصائي ضمن برنامج لمركز تطوير الإعلام لتدريب في الصحافة الاستقصائية بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية