محمد غفري
ظهيرة يوم الأربعاء 14 تموز/ يوليو 2021، يتابع معد التحقيق المشهد على الشارع الرئيسي قرب قرية رنتيس غرب رام الله، بانتظار وصول شاحنة تحمل لوحة تسجيل إسرائيلية عبر الحاجز، كي تفرغ حمولتها من الأتربة في أرض قريبة داحل حدود الضفة الغربية.
وفي تلك الأثناء، تم التقاط بعض الصور لتلك الأرض وقد امتلأت بأكوام من التراب الأحمر، الذي تحمله عشرات الشاحنات الإسرائيلية يومياً من أراضي 48 وتلفظه في قرى غرب رام الله.
توقفت سيارة بيضاء تحمل لوحة تسجيل إسرائيلية صفراء، وبداخلها شخصان تحدثا بلغة عربية ثقيلة محشوة ببعض المصطلحات العبرية، وتم منعنا من التقاط الصور، وطلب منا مغادرة المنطقة تحت وطأة التهديد، وملاحقة سيارتنا لمسافة تزيد على 10 كيلومترات، للتأكد أننا عدنا إلى مدينة رام الله.
لاحقاً، تبين أن من منعنا من التصوير كان يراقبنا طوال الوقت في المنطقة، وهما شخصان من رنتيس وليسا إسرائيليين، ويقومان بتنظيم تجارة التراب السام غرب رام الله.
"أجرينا فحوصات على عينات من هذا التراب، وتبين أن فيه معادن ثقيلة مثل الرصاص والكاديموم والكروميوم والألمنيوم، وهو مؤشر على أن هذه النفايات أحضرت من مناطق صناعية، ولها أثر سلبي على الإنسان على المدى البعيد، حيث تؤثر على الجهاز العصبي وتتسبب بخلل وظيفي للجسم وخلل في وظائف الكلى والكبد"، هذا ما قاله مدير مركز الفحوصات في جامعة بيرزيت بلال عموص.
يصل عدد الشاحنات الإسرائيلية التي تفرغ حمولتها من الأتربة الحمراء والصفراء والسوداء والمخلفات الصناعية في أراضي قرية رنتيس في بعض الأيام 30 شاحنة، وفق ما ذكر حسن سلامة رئيس المجلس القروي.
وأضاف: "ما يجري يتم بموافقة أصحاب الأراضي، فهو لن يوافق على إحضار هذا التراب الملوث إلى أرضه وتشويهها مجاناً".
وعدا عن الضرر البيئي لآلاف الأطنان من النفايات السامة، تتسبب الشاحنات بالفوضى والإزعاج وتخريب البنية التحتية، لدرجة أن الأطفال لا يعرفون النوم ليلاً من هدير الشاحنات، ولا المشي في الشوارع.
وقال سلامة إنهم توجهوا بشكاوى إلى الحكم المحلي وسلطة جودة البيئة والمحافظة، وطلبوا منهم الكشف على طبيعة هذه الأتربة، ثم أعقبه توقيف بعض الأشخاص من العاملين، وهناك من وقع على تعهدات لوقف العمل، لكنهم عادوا لنفس العمل.
وحول حادثة اعتراض معد التحقيق من قبل مجهولين، روى سلامة أن اتصال ورد إليه حول وجود شخص يقوم بالتصوير عند مدخل البلد، وأن سيارة توقفت قربه، وتمت ملاحقته، وكانت مشاجرة على وشك الوقوع معه.
وأكد سلامة: "هؤلاء من رنتيس وليسوا إسرائيليين، وهذه مجموعة خطيرة، وأدت مشاجرات سابقة معهم إلى نوم 11 شخصاً في المستشفى بين إصابات بالرصاص والسيوف".
في قرية شقبا، الظاهرة أقل انتشاراً، إلا أنها لا تقل خطورة، فالشاحنات تأتي يومياً ولكن في الليل.
يقول رئيس المجلس القروي عدنان شلش، إن من ينقل المواد والأتربة من إسرائيل هم أصحاب الأراضي، ويستفيدون مادياً على كل حمولة حوالي 500 شيقل، وأرباحهم.
المخلفات التي تفرغ في أراضي شقبا نوعان، منها تراب أحمر فيه مواد كيماوية، حيث يجري الحفر في إسرائيل بواسطة حفارات ثقيلة وباستخدام زيوت وشحوم كيماوية، والنوع الثاني وهو الأخطر "الطمم"، من مخلفات مصانع كيماوية ومستشفيات ومواد بناء تخلط مع بعضها.
وأكد شلش أن حجم الضرر البيئي كبير، ويزيد عند اشتعال الحرائق في هذه المخلفات.
ووفق روايته: "في إحدى المرات، اشتعلت كومة من المخلفات واستمر خروج الدخان منها لشهر، بالرغم من حضور إطفائيات، وهطول المطر".
وروى شلش: "حضر عندي شخص من قرية قبيا وطردته، بعد أن عرض علي 25 ألف شيقل في الشهر مقابل غض الطرف عن مرور الشاحنات من شقبا إلى قبيا، وشراء جرافة للمجلس".
واتهم شلش الجهات الرسمية الفلسطينية بالتقصير، وأن هناك من يوفر الغطاء للعاملين، لأنه "في أكثر من مرة، سلمت الأسماء للأجهزة الأمنية، ويبدو أن هناك من يغطي عليهم، أو يستفيد".
وأضاف "هم مدعومين من الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن يأخذونه اليوم، يخرج غداً ويعود للعمل، وسبق أن اعتقلوا شخصاً وسجن 60 يوماً على ذمة المحافظ، وخرج بعد دفع غرامة 10 آلاف دولار وعاد للعمل. كأنك يا أبو زيد ما غزيت".
بحسرة، يقول شلش: "ما يجري يتم تحت أعين السلطة، وهي مقصرة، ومن يقول غير ذلك، فليواجهني".
وبعض الشاحنات لا تفرغ حمولتها في شقبا، بل تمر منها إلى قرية قبيا.
محمد الأسمر رئيس المجلس في قبيا قال إن ما يفرغ في بلدتهم مخلفات مستشفيات وورش بناء، والأخطر أن بعض الأشخاص أزالوا التربة الصالحة من أرضهم وخلطوها بنفايات إسرائيلية، فصاحب الأرض مستفيد.
واتفق الأسمر مع ما تقدم به شلش وسلامة، وروى قصة حدثت في المنطقة، حيث رفع مواطن قضية على شركة إسرائيلية تكب الطمم والأتربة في أرضه قرب مستوطنة "نيلي" حتى صارت كالجبل، وكسب القضية.
قرار المحكمة تضمن منع الشركة من رمي النفايات في الأرض، وإجبارها على إزالته، فاتفقت الشركة مع مقاول فلسطيني على مبلغ مليوني شيقل ليتخلص من الطمم، الذي بدوره تنقل بين القرى، واتفق مع أصحاب أراضٍ لنقل النفايات إلى أراضيهم مقابل إغراءات مادية.
الأسمر أكد أيضاً على وجود تقصير رسمي، "لا توجد استجابة من الحكومة ولا ملاحقة للظاهرة ولا نتيجة تذكر".
وفي شهر آذار الماضي، اجتمع رؤساء خمسة مجالس بلدية غرب رام الله (شقبا، شبتين، رنتيس، بدرس، قبيا)، ووقعوا على وثيقة شرف لعدم إحضار الأتربة من إسرائيل، وعدم بيع الأراضي للإسرائيليين.
في مقابل تلك الروايات، ينفي من يهربون هذا التراب من إسرائيل إلى أراضي الضفة أنه ملوث، وأن ما يجري متاجرة.
(ح. د) قال: "أنا زلمة عندي عشر شاحنات، وفيها ترخيص إسرائيلي باسم قريب لي من الرملة، وتعمل في إسرائيل والمستوطنات وأي منطقة".
وأضاف: "لدي معدات وجرافات وشاحنات، والسائقون يعملون لدي، والتراب أقوم برميه في أرضي".
وعن طبيعة عمله، يقول: "أعمل في الحفريات، فإذا كانت لديك أرض وتريد إخراج الصخر، أخرجه وأطحنه، والتراب أبيعه، وهذا يريد هدم بيته أهدمه، وهذا يريد إقامة جدار أحفر له.. هذا عملي".
أما عن الاتهامات بأن التراب ملوث، فقد أجاب بسخط "التراب ليس ملوثاً، لأنه تراب من الأرض، ولا يوجد فيه شيء، إنه مثل التراب الموجود في دارك، ومن قال ذلك، بدي أطول عينيه".
أما (ر. ن)، فقد قال إنه أحضر حوالي 2000 شاحنة من التراب لإصلاح أرضه التي تبلغ مساحتها 5 دونمات!
وردّاً عن سؤال: هل يحتاج استصلاح أرض بهذه المساحة الصغيرة لآلاف الأطنان من التراب؟، قال: "لم أحضره للتجارة، وإنما لأن الأرض فيها ميلان، فرفعتها بالتراب حوالي 7 متر، وفي مناطق وصل الارتفاع 12 متر".
وتابع "أتمنى لو أستطيع إحضار تراب مثله مجدداً، فهو تراب بيارات ورائحة الليمون تفوح منه".
"لم تأت أي جهة لتفحص التراب الموجود لدي، وأتحدى بجودته، وسائق الشاحنة يصور مصدر التراب ولا يوجد فيه شيء"، كما يزعم.
وأردف: "إحنا أخذنا الوعر، واليهود أخذوا السهل، لماذا لا نأخذ تراب السهل؟ وهم لا يريدونه، ويحفر لبناء المنازل وليس لمفاعل نووي، ويأتي من مستوطنة موديعين، وأراضي قريبة من مطار اللد".
لكن بلال عموص مدير مركز المختبرات في جامعة بيرزيت أكد أن أي شيء يتم رميه هو نفايات، وقام بزيارة هذه المناطق، وشاهد تلالاً من الأتربة تحتاج إلى جرافة كي يتم البحث فيها، "هناك من وجد فيها نفايات طبية وأكياس دم وأعضاء".
وبين أن فحوصات أجريت على عينات من هذا التراب عام 2020 وأظهرت وجود معادن ثقيلة فيه فيها، مثل الكاديميا والكروميوم والألمنيوم بنسب متفاوتة تفوق الحد الطبيعي.
وسأل عموص: "لماذا تقوم إسرائيل بكب التربة؟، واضح لأنه لا يمكن معالجتها، والحل التخلص منها".
واستطرد: "الأكيد أن فيها شيئاً مخفيّاً، ولا أحد يرمي تراباً يمكن استخدامه، وطالما يتم إحضاره إلينا، فهذا يعني أن فيه مواد مخبأة، فالشاحنة إن كانت حمولتها 20 طناً، يمكن أن يخلط فيها 100 كيلو من النفايات السامة".
وحول إن كان مصدر التراب نظيفاً كما يدعي الشخصان أعلاه، قال عموص: قد يكون التراب من مناطق نظيفة، ولكن تتم إضافة نفايات أخرى إليه، وبالتالي، فالمصدر ليس معياراً.
منسقة شبكة المنظمات البيئية عبير البطمة تعمل منذ سنوات على محاربة ظاهرة كب النفايات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، تقول إن هذه الظاهرة قديمة، بدأت عام 2004، ولكنها أصبحت تجارة منظمة خلال السنوات الأربع الأخيرة.
تنتشر هذه الظاهرة في المناطق القريبة من الخط الأخضر من أراضي الضفة الغربية، لأنها أقرب للشاحنات الإسرائيلية التي تستخدم الأراضي الفلسطينية مكبات للنفايات.
وحول السبب في ذلك، قالت البطمة "إن أرادوا استخدام المكبات القانونية في إسرائيل، فسوف تكون التكاليف أعلى من نقلها إلى أراضي الضفة".
وعلاوة على مصادر هذه الأتربة والمخلفات التي تحدث عنها رؤساء المجالس القروية وعموص، أشارت البطمة إلى مشروع إسرائيلي كبير يجري فيه حفر نفق داخل جبل لمرور قطار القدس- تل أبيب، حيث استخدمت فيه المتفجرات، وجرى خلطها مع الأتربة حتى صار لونها رماديّاً، ونقلت للأراضي غرب رام الله.
تروي البطمة أنها خلال زيارة للمنطقة وثقت دخول سبع شاحنات إلى رنتيس خلال ساعتين، وشاهدت مع أحد الأشخاص سلاحاً ناريّاً، وبدا أنه يشرف على دخول الشاحنات وتفريغها.
الأخطر من ذلك وفق البطمة، أن ما يجري، يتم على مستوى شركات كبيرة ورؤوس أموال فلسطينيين بالتعاون مع إسرائيليين، ولا يقتصر على صاحب شاحنة يتفق مع صاحب أرض، لأنه عندما تصل الشكوى لدرجة ما، يغلق الملف، وهذا بشهادات عدة وصلت إليها عقب تعمقها في القضية.
علاوة على ذلك، قالت إن أكثر من تحد يحول دون وقف الظاهرة، فهناك من يخاف الإدلاء بأسماء العاملين، وهناك خلل قانوني لأن الملف يصل كاملاً للنيابة العامة، لكن القضية تأخذ فترة طويلة في المحاكم.
وأضافت: "إذا أخذ القاضي قراراً، فإنه لا يدرك حجم الضرر، والقرار وفق القانون يكون غرامة مالية بسيطة تكون أحياناً 40 ديناراً، وهو مبلغ بسيط مقارنة مع المبالغ الكبيرة التي يجري جنيها، أو يكون السجن لفترة قصيرة والتوقيع على تعهد، لذا لا توجد عقوبات رادعة".
ويجرم القانون الفلسطيني، نقل واستيراد النفايات والمواد الخطرة من أي دولة إلى فلسطين، حيث ينص القانون رقم (7) لسنة 1999 بشأن البيئة، في المادة رقم (13)، على أنه: أ. يحظر استيراد النفايات الخطرة إلى فلسطين. ب. يحظر مرور النفايات الخطرة عبر الأراضي الفلسطينية أو المياه الإقليمية أو المناطق الاقتصادية الخالصة إلا بتصريح خاص من الوزارة (وزارة البيئة سابقاً وسلطة البيئة حالياً).
وفي المادة رقم (63)من نفس القانون، أقرت عقوبات لكل من يخالف أحكام البندين أعلاه:
"كل من يخالف أحكام الفقرة (أ) من المادة (13) من هذا القانون، يعاقب بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، ومصادرة النفايات أو إتلافها على نفقة المخالف، ويعاقب كل من يخالف أحكام الفقرة (ب) من المادة (13) من هذا القانون بغرامة مالية لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار أردني ولا تزيد على عشرين ألف دينار أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، أو الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس عشرة سنة أو بإحدى هاتين العقوبتين".
هنا، يؤكد رئيس نيابة الجرائم الاقتصادية علاء التميمي، أن اهتمام السلطة الفلسطينية بظاهرة الاعتداء على البيئة يعود إلى العام 1999، وإقرار قانون البيئة يدل على اهتمام المشرع الفلسطيني والإرادة في ملاحقة هذه الجرائم.
وأضاف أنه توجد سلطة متخصصة في هذا المجال، وهي سلطة جودة البيئة، وتوجد لها مكاتب في كل المحافظات، وتقوم بإعداد التقارير اللازمة للضبط وعمليات التحري وإحالتها للنيابة العامة.
وحول دور النيابة، قال التميمي إن النيابة تمثل الحق العام، وبالتالي، هي أولى بالملاحقة الجزائية من الجرائم التي ترتكب بشكل عام.
وأوضح أنهم يعملون وفق القانون، حيث يستقبلون الشكوى من الجهة المختصة وهي سلطة جودة البيئة أو من المواطنين، وبناء عليه يفتحون تحقيقاً.
وتابع: "نبدأ بالإجراءات القانونية من خلال إصدار مذكرة اعتقال للأشخاص المتهمين، وتقوم الشرطة بملاحقتهم، وفي حال تم إلقاء القبض عليهم، تقوم النيابة العامة بالتحقيق معهم، وفي حال عدم القدرة على إلقاء القبض عليهم، نقوم باتخاذ إجراءات احترازية ضدهم، مثل منع السفر ومحاكمتهم كمتهم فار من وجه العدالة، وإصدار حكم غيابي عليهم إلى حين إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم".
وفي معرض رده على أن العقوبات التي تتخذ بالعادة غير كافية للردع، رد التميمي أن القانون وضع عقوبات مشددة على نقل النفايات الخطرة والسامة، وهذه المخالفات تصنف كجناية وليست كجنحة، ولكن بعض الخلل في الإجراءات الأولية قد يؤدي لخلل في نتائج المحاكمة.
وأكد أنه إذا تم بناء الملف على أسس صحيحة والبيانات الموجودة كانت مقنعة للمحكمة، نصل إلى نتيجة مرضية وعقوبات رادعة.
لكنه نوه إلى أنه في مرحلة التحقيق والمحاكمة، يمكن إخراج الشخص بكفالة إلى حين المحاكمة، وهذا لا يعني أن الملف انتهى، بل تبقى إجراءات المحاكمة مستمرة.
وأقر أيضاً أن إجراءات التقاضي طويلة وتأخذ بعض الوقت، ومن الممكن أن تصدر محكمة الدرجة الأولى الحكم، ولكن يوقف تنفيذ الحكم إلى حين البت في الاستئناف.
كما أقر التميمي أن حجم الملفات التي وردت إليهم في السنوات الأخيرة ليس كبيراً.
وقال إنهم يواجهون تحديات كبيرة، منها عدم سيطرة السلطة على المعابر والحدود، وأن النفايات تدخل إلى مناطق خارج السيطرة (مناطق ج)، وهناك صعوبة في الدخول إليها لاعتقال الأشخاص.
يقع على عاتق الأجهزة الأمنية تنفيذ قرارات الضبط والاعتقال، ومن بين هذه الأجهزة جهاز الضابطة الجمركية.
مدير العلاقات العامة والإعلام في جهاز الضابطة الجمركية إبراهيم عياش، قال إن هناك مذكرة تفاهم بينهم وبين سلطة جودة البيئة لملاحقة ظاهرة النفايات التي تدخل من إسرائيل، لما تشكله من خطر بيئي.
وأقر عياش هو الآخر بوجود تحديات تواجههم في ملاحقة هذه الظاهرة، أهمها أن الاحتلال الإسرائيلي يرفض إعطاءهم التنسيق اللازم لتواجدهم في الميدان.
وأضاف: "لدينا متابعة، ولكن نحتاج للتواجد في الميدان، فنحن نبعد 40 كيلو عن رام الله، ولا نأخذ تنسيقاً، وأحياناً ننزل بدون تنسيق، بمخاطرة".
والتوجه للمنطقة بدون تنسيق، حسب عياش، يشكل خطراً على حياة عناصر الضابطة، الذين تعرضوا للأذى في مرات عدة.
كما أن نقص عدد الكوادر في جهاز الضابطة واقتصارهم على ألف عنصر من رئيس الجهاز وحتى الجنود، عدا نقص الإمكانيات اللوجستية، يمثل تحدياً آخر لديهم في وقف ملاحقة الظاهرة.
وتابع عياش أنه "لا توجد لدينا مراكز في القرى لأننا مقيدون في اتفاقيات، وافتتاح مركز جديد بحاجة لتنسيق وموافقات من الجانب الإسرائيلي".
لكنه أشار إلى أن الاتفاقيات الدولية تفرض إعادة هذه النفايات والأتربة إلى مصدرها في إسرائيل.
وتلزم الاتفاقيات الدولية دولة الاحتلال بالعمل على حماية المدنيين من المخاطر البيئية، حيث تنص المــادة رقم (56)من اتفاقية جنيف الرابعة، على أنه "من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، وبمعاونة السلطات الوطنية والمحلية، على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات وكذلك الصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة، وذلك بوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة، ويسمح لجميع أفراد الخدمات الطبية بكل فئاتهم بأداء مهامهم".
جدير بالذكر أن سلطة جودة البيئة هي جهة الاختصاص الرئيسية في حماية البيئة، وقد رفضت الحديث معنا حول هذا الملف ومنحنا ما يلزم من وثائق أو صور أو مقابلة صحفية، بالرغم من التوجه لهم مراراً وبكتاب رسمي.
كما رفضت محافظة رام الله والبيرة التعليق على ما ورد.
* أعد هذا التحقيق الاستقصائي ضمن برنامج لمركز تطوير الإعلام لتدريب في الصحافة الاستقصائية بالشراكة مع مؤسسة كونراد آيدنأور الألمانية