دعا صحافيون إلى تقييم المحتوى الإعلامي في التغطية الصديقة لقضايا العنف، وأوصوا بإعداد مسرد أو قاموس خاص بالمصطلحات القانونية الخاصة بالنساء والنوع الاجتماعي، ومرصد يقوم بتحليل ما ينشر ويصدر من تقارير دورية حول قضايا العنف في فلسطين.
جاء ذلك في ختام سلسلة الورشات التي نظمها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ووزارة شؤون المرأة، ومركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت، في محافظة بيت لحم، الهادفة إلى تعزيز معرفة الإعلاميين/ات بالخدمات المتاحة للنساء الناجيات والضحايا من العنف وإشكاليات العنف القائم على النوع الاجتماعي في التغطية الإعلامية؛ باشتراط وجود سياسة تحريرية مكتوبة لكل وسيلة إعلامية، وتوثيقها ونشرها، وأن تراعي هذه السياسة وجود بنود حساسة للنوع الاجتماعي، وتنشيط إعلام المؤسسات النسوية ليكون أكثر احترافية ووصولاً وتأثيراً.
ودعا صحافيون وعاملون في قطاع العدالة وقطاع الحماية إلى إيلاء الدقة الأولوية عند التغطية الإخبارية قبل الاهتمام بالسرعة والحصول على السبق، خاصة عند التعامل مع قضايا حساسة، إذ يجب إعطاء اعتبار كبير للضحايا والناجيات وأفراد أسرهم، دون أي اعتداء على خصوصياتهم وحقهم في السمعة الطيبة.
وأشارت مديرة مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت نبال ثوابتة في كلمة الافتتاح إلى ممارسات ضارة كانت سابقا في التغطية حول قضايا العنف، وساهمت الورشة في تعميق بعض المفاهيم حول جذور العنف، وأهمية تبني برنامج توعوي تثقيفي لطلبة المدارس في مجال التربية الإعلامية الصديقة لقضايا العنف ضد الأسرة وأهمية عقد برنامج تدريبي في كل المحافظات للصحفيين والإعلاميين بالشراكة لتطوير المخزون المفاهيمي في كيفية تناول المحتوى المتضمن قضايا قانونية.
من جهته، قال مسؤول المشاريع في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة معتصم عوض، إن برنامج "حياة" المشترك يهدف إلى القضاء على العنف ضد المرأة في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويجمع البرنامج بين السلطة الوطنية ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات المجتمعية والشركاء الآخرين، ويهدف للحد من تعرض أو احتمالية تعرض النساء والفتيات لجميع أشكال العنف، ومدته خمس سنوات.
وحذر الإعلامي أكرم النتشة أحد المتحدثين فى الورشة من أن الصحافيين يتعرضون إلى الضغط الاجتماعي من أقارب لهم في حال تناول القضية خارج ما يرغب به المجتمع المحيط، خاصة أن الصحفيين هم أبناء البيئة وليسوا من خارجها، وبالتالي، فإن هذا الأمر قد يحد من المهنية والعكس صحيح، إذ قد يحصل على إطراء عالٍ في حال توافقت التغطية مع الجمهور وهذا قد يؤثر أيضا على التغطية.
وأكد النتشة أن ضغط وسائل التواصل الاجتماعي هو شكل آخر من أشكال الضغط الاجتماعي ولكن على الواقع الافتراضي، وبالتالي قد يقع الصحفي ضحية تشهير بالتلميح أو التصريح على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أهم معيق أمام الصحافيين وهو قلة المعلومات، وهو تحدٍّ أساسي في قضايا العنف خاصة من قبل الأمن أو منظومة العدالة، وبالتالي يضع الصحفيين أمام عبئين: الأول نفي الشائعات، والثاني تقديم معلومة حقيقية ومن مصدر موثوق.
وأكد المشاركون أهمية برامج التثقيف الإعلامي، بما يشمل أدوات التحقق من الأخبار والصور والحسابات الوهمية والأخبار الكاذبة والإشاعات، وأهمية الإدلاء بالمعلومات بالشكل الصحيح والدقيق، وفي الوقت الأنسب، باعتبار ذلك خير وسيلة للقضاء على الإشاعات.
وأشارت منسقة وحدة النوع الاجتماعي في مركز تطوير الإعلام ناهد أبو طعيمة، إلى أن الهدف من جمع قطاعي الحماية والعدالة، على مدار ثلاثة أيام، تعزيز معرفة الإعلاميين/ات بالخدمات المتاحة للنساء المعنفات والتعريف بالبيئة القانونية والاجتماعية والسياسية التي تحيط بعملهم إلى جانب تعزيز العلاقة بين الطرفين وضمان تغطية صديقة لقضايا النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الصحافة تلعب دورا مهما في التوعية والتثقيف ما يساهم في حل إشكالية الوصول للخدمات وأين تتركز وطبيعتها والجهود المبذولة من الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني.
وأوضحت أبو طعيمة أن هناك تفاوتا واضطرابا في المفاهيم المتعلقة بقضايا العنف ضد المرأة، كالمعنفة أو الناجية من العنف والنزيلة، مشيرة إلى أهمية إعادة تأصيل المفاهيم في الأدبيات والصحافة بحيث تكون مفاهيم تحتكم إلى كرامة المرأة وحالتها في كل مرحلة من مراحل حل مشكلتها والبحث عن الامان والخدمات المقدمة.
وركز أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت معز كراجة على أهمية وعي الصحافيين بمنظومة الأخلاقيات التي يجب أن يتمتع بها الصحافيون أثناء تغطيتهم للقضايا الحساسة وتفضيل المصلحة الفضلى للناجيات وليس لاعتبارات السبق الصحفي، مشيراً إلى
ضروة العمل على تدريب مكثف مع الصحافيين الذين يرغبون في اختصاص الصحافية النسوية المرتبطة بقضايا النوع الاجتماعي لتكيثف المعرفة وزيادة المهارة في هذا الحقل الذي يربط بين الإعلام والحقوق والجندر.
ودعا الصحافيون في الجلسة المتخصصة مع الإعلاميين إلى تقييم المحتوى الإعلامي في التغطية الصديقة لقضايا العنف.
وأشاروا إلى ضرورة تقديم أدبيات وبعض النشرات التوعوية التي ترشد النساء إلى الحماية في كل جهة سواء الشرطة أو النيابة أو بيوت الإيواء والحماية أو وزارة المرأة، بحيث تجد النساء قاعدة بيانات لكل الماكن التي بالإمكان التوجه لها.
وكان هناك إجماع على أهمية محاولة تغيير الثقافة السياسية والاجتماعية السائدة، وتتبع ذلك تعديلات في القوانين، وعلى أهمية خلق تعديلات وفق الاتفاقيات الدولية، وأنه لن يحدث أي تغيير طالما يتم اتباع خصوصية ثقافية واجتماعية سائدة لا تلبي طموحات المجتمع النسوي وضرورة التخطيط لبرامج التوعية والتثقيف بين الإعلام والمؤسسات التي تعم في قطاع الحماية والعدالة بشكل مشترك ومبني على فهم عام لاكتمال الأدوار.